الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

قم للمعلم:

2016-05-17

سيول بانوراما

 قم للمعلم:
كوريا هي من بين أكثر دول العالم اهتماما بالتعليم، ويعلق الكوريون أهمية خاصة على التعليم كوسيلة لتحقيق الطموحات الشخصية والارتقاء الاجتماعي، وقد كان الاهتمام بالتعليم كنظام ومؤسسة اجتماعية وثقافية هو أساس المعجزة الاقتصادية التي تحققت على نهر الهان رغم كل العراقيل والمصاعب والتحديات من حرب أهلية واستهداف أجنبي وموارد طبيعية معدومة. وتعتبر كوريا اليوم من أكثر بلدان العالم من حيث انتشار التعليم وغياب الأمية بشكل كامل تماما. وقد ظل الكوريون عبر تاريخهم الطويل يعطون احتراما وتبجيلا خاصا للمعلم بحيث ظلت وظيفة المدرس في المجتمع الكوري هي من الوظائف المهمة التي تحمل صيتا وبريقا اجتماعيا كما يوحي اسمها باللغة الكورية وهو Seuseung وهناك مثل كوري شهير للتعبير عن تقدير المعلم كما يجب وهو " لا تطأ بقدمك حتى ظل معلمك".
وقد احتفل الكوريون في الأيام القليلة الماضية بيوم المعلم ، ورغم أن الاحتفال بذلك اليوم صار الآن مناسبة عالمية مهمة يتم بها الاحتفال في الكثير من بلدان العالم، إلا أن الاحتفال في كوريا كان له طعم الخاص، إذ أن يوم المعلم في كوريا هو اليوم الذي صار يرتبط بشكل خاص بيوم ميلاد الملك سيجونغ منذ أن خصصت الحكومة الكورية يوم ال15 من مايو، وهو عيد ميلاد الملك سيجونغ كيوم للمعلم في كوريا، والملك سيجونغ كما هو معروف هو مبتدع ومخترع الأبجدية الكورية أي حروف الهجاء الكورية التي تعرف باسم "هانكول" والتي جعلت قراءة وكتابة اللغة الكورية سهلة وميسورة ومتاحة للبسطاء والعامة بعد أن كان ذلك محصورا على أقلية تتقن الرموز الصينية الصعبة والمعقدة، لذا اعتبر الكثيرون من الكوريين الملك سيجونغ هو المعلم الحقيقي للأمة الكورية والشعب الكوري، ومن هنا جاء اكتساب وظيفة المعلم لنوع خاص من التقدير والإجلال في كوريا.
وقد عبّر الكوريون على امتداد تاريخهم عن خصوصية دور المعلم اجتماعيا وثقافيا وتربويا بالكثير من الأشكال والوسائل من مناسبات وممارسات وأمثال وقصص متداولة وقصائد وأشعار وأناشيد وأغاني وربما أشهرها أغنية "يوميلاك" التي كتبها الملك سيجونغ لتمكين جميع أفراد الشعب في كوريا وخاصة العامة منهم من الاستمتاع بالموسيقى والغناء والشعر. وتقدير واحترام المعلم ليس قصرا على الكوريين بالطبع فهو أمر شائع ومنتشر عالميا ونحن في العالمين العربي والإسلامي نكّن للمعلم أفضالا لا حصر لها كما يبدو في كثرة الأسماء التي نطلقها عليه مثل المدرس والمربي والموجه والمرشد والتربوي والأستاذ الجليل. والقرآن الكريم حافل بعدد كبير من الآيات التي تحث على العلم والتعلّم بل أن أول آية نزلت في القرآن الكريم كانت هي "أقرأ" وكما جاء في الحديث الشريف "إن خيركم من تعلم القرآن وعلمّه" أما عن الأقوال المأثورة والأمثال العربية عن العلم فهي كثيرة ومتعددة مثل "من علمني حرفا صرت له عبدا" و"العلم في الصغر كالنقش في الحجر " أما الشعر العربي وما به من درر وجواهر في حق المعلم فحدثّ ولا حرج ربما أشهرها خالدة أمير الشعراء أحمد شوقي التي يقول في مطلعها " قم للمعلم وفه التبجيلا ...كاد المعلم أن يكون رسولا" أو غيره كمن قال أنت المعلم أصل كل فضيـلة ..أنت الإمام سبقت بالإحسـان". وخارج سياق ومضمار الأدب العربي فإن الأدب الغربي حافل بالكثير من الأشعار والقصائد والأغاني ولديهم عدد من أعظم الروايات والقصص وأخلد الأفلام السينمائية في العالم عن المعلم ربما أشهرها " أستاذي.. مع محبتي" الذي قام ببطولته الممثل الأمريكي الزنجي الأسود "سيدني بواتيه" والذي تضمن أغنية شهيرة ترددت على كل الألسن والشفاه وقتها لما فيها من كلمات وضاءة معبرّة على لسان بطلة الفيلم التلميذة الوفية في حق بطل الفيلم أستاذها الجليل رغم انتمائه لونا وعرقا لفئة تعاني من التمييز الاجتماعي كما كان سائدا وقتها:
"
أستاذي لك حبي
وإذا أردت السماء فسوف أكتب حروفا وضاءة على صفحة السماء.
لتنير السماء وتنعكس على الأرض تلألأً وتألقا وتوهجا .
لقد أزفت ساعة الوداع
و آن الأوان لأجمع كتبي وألملم أوراقي
لأقول لك وداعا يا من علمتني الفرق بين الصواب والخطأ
وعرفت عن طريقك متى يكون الضعف قوة
و كيف تكون قوة الضعف
لا أقول وداعا لأننا حتما سنلتقي
وحتى لو لم نلتقي كشخوص
فسوف نلتقي عبر المعارف والأفكار
وعبر كل ما نقشته في دواخلي من حروف.
ومن خلال كل ما زرعته في جوانحي من قيم.
أستاذي لك شكري.. أستاذي لك حبي.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;