الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

أغنية للوحدة أم نشيد للانشقاق:

2016-05-24

سيول بانوراما

أغنية للوحدة أم نشيد للانشقاق:
الكوريون ظلوا منذ بعض الوقت منشقين حول أغنية يفترض إنها تدعوا للوحدة والتضامن ورص الصفوف كما كان عليه الأمر منذ ظهورها الأول وانتشارها بين الجميع بمختلف توجهاتهم وأفكارهم، غير أن الأمر ، كما بدا في السنوات الأخيرة، صار يسير في طريق مختلف عما هدفت له الأغنية الوطنية التي كانت نشيدا على كل لسان. الأغنية التي نتحدث عنها هي كما يعرفها كل أفراد الشعب الكوري "أغنية كوانجغو" وهي أغنية وطنية ثورية تخلد ذكرى أهم انتفاضة حدثت في كوريا من أجل المناداة بالديمقراطية ومكافحة الحكم العسكري الدكتاتوري الباطش المستبد والتي اندلعت في كوريا عام 1982 وكانت أهم محطة في مسيرة الديمقراطية الكورية التي بدأت الآن تتشكل وتغرس جذورها في كوريا التي صارت تسير سيرا حثيثا في طريق الانضمام إلى قلاع الديمقراطية الحقيقية في العالم. الأغنية المختلف عليها الآن تحمل اسم " مسيرة من أجل الأحباء March for the Beloved " وقد كتبها الأديب الكوري المعروف هوانغ سوك يونغ عام 1982 واستلهمها من قصة عاشقيّن قتلا في تلك الانتفاضة قبل أن يتمكنا من إتمام مراسم زواجهما كما كانا متفقيّن ولحنها شاب ثائر درس وتخصص في الموسيقى ومن يومها صارت القصيدة بمثابة نشيد قومي غير رسمي دائم يردده الجميع بلسان وقلب شخص واحد خلال كل مناسبة تقام بمناسبة الذكرى السنوية للانتفاضة. لكن مع بدء تجذّر الديمقراطية كشكل وأسلوب حياة وتفكير في كوريا، ومع بدء بروز مظاهر انقسام المجتمع الكوري إلى تيارين محافظ يميني موالٍ للغرب وللسياسة الأمريكية، ولبرالي ويساري راديكالي متعاطف مع كوريا الشمالية، بدأ كل تيار ينظر للأغنية والنشيد القومي بمنظور سياسي مختلف عن الآخر. فالتيار الأول والمحافظ يراها مجرد أغنية شعبية وطنية تم نظمها في ظروف سياسية واجتماعية ووطنية محددة، ولا يجب تنميطها أو تحميلها فوق ذلك أو إلباسها أي لبوس سياسي فكري، أو تصويرها بشكل مقصود أو مقصود بأنها ذات علاقة بشكل أو بآخر بالدعاية الكورية الشمالية الفجة التي تسعى لخلق مظاهر انقسام داخل المجتمع الكوري الجنوبي أو تصوير جانب كبير منه بأنه موالي ومناصر للسياسة والنظام والقيادة الكورية الشمالية. في الضفة الأخرى يرى التيار اللبرالي الآخر إن الأغنية صارت ارثا جماهيريا شعبيا متوارثا وتجسيدا لفترة نضالية مهمة خاضها الشعب الكوري الجنوبي من أجل التخلص من الطغاة الطواغيت والأنظمة الرجعية الغاشمة، وإنها ، من هذا المنطلق، يجب أن تظل رمزا معبرا عن تلك الفترة من خلال جعلها نشيدا قوميا شعبيا مماثلا وموازيا للسلام والشعار الجمهوري من خلال ترديدها في كافة المناسبات القومية الرئيسية. والانقسام لم ينحصر على رمزية وجوهر ومحتوى المسألة، بل انصب على الكيفية والشكلية التي يتم بها ذلك، فبينما طالب التيار اللبرالي اليساري بضرورة قيام كل الحضور في أي مناسبة جماهيرية شعبية بدءً من رئيس الجمهورية وكبار المسئولين ومرورا بكل رموز الدولة والمجتمع وحتى البسطاء والعامة والأطفال بترديد الأغنية بصوت واحد وبشكل متزامن ووفق حركات وإيماءات متماثلة مثل التلويح بالإعلام والرايات أو وضع الأيادي على الصدور ، يرى أنصار التيار المحافظ إن تلك ممارسات نازية وفاشية قديمة مرتبطة بالنظم الشيوعية والشمولية ينبغي تفاديها والاكتفاء بتقديم الأغنية بطريقة فنية مهنية وبواسطة فرق غنائية موسيقية متخصصة مع قيام كل من يريد بالترديد مع تلك الفرق بالشكل المناسب.
وفي آخر احتفال شعبي جماهيري بمناسبة الذكرى ال36 لانتفاضة كوانجغو وبحضور رسمي وشعبي كبير ومتنوع حدث الكثير من الهرج والمرج وساد غير قليل من التوتر والغضب المتبادل بين أنصار ومؤيدي التيارين اللذين أراد كل تيار تقديم الأغنية والنشيد الشعبي بالشكل الذي يريد بصورة كادت أن تخرج المناسبة الشعبية القومية الخالدة عن محتواها ورمزيتها الحقيقية، وتحولها إلى مظهر من مظاهر الفرقة والشتات، بدلا عن شكل من أشكال التضامن والمشاركة ووحدة الهدف والمصير، كما تصورّ وتدعو إلى ذلك كلمات الأغنية التي تقول:
معا نحو شرف واحد وهدف واحد ومبتغىً واحد
فلقد تعاهدنا على التضامن والتعاون ما حيينا
والمضي على الطريق مثل ما تنساب الأنهر وتشرئب الجبال
يا من مضى من الرفاق الأعزاء
ما زالت راياتنا ترفرف
وأرواحنا المتيقظة تدعونا وتصرخ فينا:
واصلوا السير بتصميم وإرادة
وتابعوا المسيرة بإيمان وثقة
وهيا بنا نعمل ونواصل الليل بالنهار
بكل ثقة وكل جد واجتهاد.
واصلوا السير وتابعوا المسيرة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;