الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

المألوف الجديد:

2016-06-28

سيول بانوراما

المألوف الجديد:
كوريا دولة آخذة في التطور بشكل مذهل اقتصاديا وصناعيا وتقنيا وإلكترونيا ورقميا، لكنها في ذات الوقت دولة نجحت بشكل لافت في الحفاظ على واقعها الثقافي والتراثي والتقليدي، وقد جعل منها كل ذلك دولة ذات خلطة مدهشة بين التقليدية والحداثة وبين الدولة المعاصرة المتطورة والدولة المحافظة وبين الدولة الشرقية المتمسكة بموروثها وبين الدولة الغربية المنفتحة على العالم. لكن منتدى جرى تنظيمه في معهد بحثي فكري متطور ومستقل مثل معهد آسان Asan الذي درج طوال السنوات الأخيرة على تنظيم منتديات ومؤتمرات ومناسبات دورية متنوعة بمشاركة أعداد كبيرة من الخبراء والمختصين والسياسيين والأكاديميين للتداول حول مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والفكرية يرى إن واقعا ومألوفا جديدة يتشكل الآن في كوريا وفي أجزاء أخرى في العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط بشكل بطئ وتدريجي مما قد يسهم كثيرا في تغيير الصورة النمطية التي ظلت عليها الأحوال السائدة في تلك المناطق بشكل ملحوظ.
المنتدى الذي جرى تنظيمه قبل فترة قصيرة والذي أسعدني الحظ بحضوره كان تحت شعار " المألوف الجديد " New Normal وهو شعار تم انتقائه كما جاء في الكلمة الافتتاحية لرئيس المعهد لوصف الحالة السائدة نوعا ما في عالم اليوم بوجود متغيرات وممارسات جديدة ومتكررة وفي طريقها للتشكل لتصبح واقعا مألوفا وعاديا ومعاشا جديدا في مناطق جديدة ومتعددة في العالم مثل التحرشات والاستفزازات التي تقوم بها كوريا الشمالية من خلال تجارب واختبارات نووية وصاروخية وهيدروجينية في شبه الجزيرة الكورية وشمال شرق آسيا أو العمليات الإرهابية المتكررة التي ظلت تقوم بها منظمات متطرفة في الشرق الأوسط أو في الغرب.
تضمن جدول أعمال المنتدى العديد من أوراق العمل التي تحدث حولها عدد من الأكاديميين والخبراء من مختلف الجامعات والمعاهد العلمية والبحثية من داخل وخارج كوريا وذلك عبر جلسات عمومية وفرعية تناولت عدة موضوعات تراوحت بين الأوضاع والتطورات في شبه الجزيرة الكورية وفي منطقة شمال شرق آسيا والقارة الآسيوية والمنطقة الآسيوية الباسيفيكية والعلاقات الكورية الأمريكية والموقف الصيني ما بين الكوريتين ونزع السلاح والتهديد النووي والسلامة النووية والتغييرات المناخية. وكان من الموضوعات التي حظيت باهتمام المتابعين للشئون العربية والشرق أوسطية موضوعان تم طرح الأول في الجلسة العمومية تحت عنوان " التكيّف مع الإرهاب" حيث جرى بحث مستفيض عن مسببات الإرهاب وأفضل السبل لمحاربته والكيفية التي تمدد بها تنظيم الدولة الإسلامية في كل من سوريا والعراق وأهمية تضافر الجهود العالمية لمقاومة المد الإرهابي وضرورة التنسيق بين مختلف القوى العالمية باعتبار إن الأمر لم يعد مقتصرا على دول أو مناطق أو منظومات سياسية وفكرية أو تجمعات إقليمية أو دولية معينة. أشار أكثر من متحدث إلى أن الإرهاب والتطرف بدأ في أخذ أشكال جديدة ومتنوعة وغير تقليدية أو مألوفة وذلك منذ أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من حرب في العراق وربيع عربي وتطورات في ليبيا وسوريا على وجه الخصوص وغياب للدور الفاعل للدولة المركزية في عدد من البلدان العربية والأخطاء المتعددة للسياسات الأوربية والأمريكية التي أسهمت في تغذية وتوفير المبررات للإرهاب مما يجعل من الضروري وجود رؤية جديدة وتنسيق استراتيجي مدروس للتعامل مع الإرهاب كظاهرة وواقع ومألوف جديد. تم كذلك تخصيص جلسة فرعية للمنتدى تحت عنوان " ما هو المألوف الجديد في الشرق الأوسط ؟" شارك فيها متحدثون من ذوى الاهتمام والتخصص بالمنطقة العربية والقضايا الشرق أوسطية . تم طرح ثلاثة آراء مختلفة تناولت بشكل متداخل الاضطرابات التي تلت الربيع العربي ومظاهر الدخول لمرحلة فوضى غير مسبوقة مع احتمال انتقال هذه الاضطرابات إلى الدول المستقرة في المنطقة مما قد يحدث الكثير من الانفلات في أوضاع المنطقة بأسرها.
أكد المنتدى أن معهد آسان للدراسات السياسية لم يعد مجرد معهد كوري محلي التأثير وإنما مؤسسة بحثية دولية هامة ونشطة تعمل من أجل إيجاد واستنباط حلول للكثير من المشاكل في العالم من خلال تبادل الآراء وتقريب وجهات النظر تمهيدا لخلق بيئة عالمية مناسبة لنشر قيم ومفاهيم مثل السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية أولا وفي منطقة شمال شرق آسيا كأولوية ثانوية ثم في المنطقة الآسيوية بأسرها ومن ثم العالم الواسع العريض كما يطرح في الشعارات التي ينظم المعهد منتدياته السنوية تحتها. وعبر هذه المنتديات ومن خلال ما ينظم من محاضرات وندوات وورش عمل وتدريب وفعاليات دبلوماسية متنوعة يرمي المعهد لتكوين ما يشبه بنك المعلومات من خلال إعداد وتجميع وطباعة وتوزيع نتائج ومداولات ومخرجات كل تلك المناسبات في شكل كتيبات ودوريات ومطبوعات حول مختلف القضايا والموضوعات في العالم يتم توزيعها في مختلف مناسباته.
أحسست بعد حضوري لبعض فعاليات ذلك المنتدى بأنني صرت أفضل فهما للعديد من القضايا المطروحة وإن تلك القضايا نفسها لم تعد تلك القضايا القديمة التقليدية السائدة وإنما بدأت تأخذ شكلا مغايرا ا وواقعا مختلفا ومألوفا جديدا كما في الشعار الجديد غير العادي وغير المألوف الذي جرى تحته تنظيم المنتدى.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;