الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الدرس الكوبي :

2016-07-12

سيول بانوراما

الدرس الكوبي :
نجحت كوريا الجنوبية في الأسابيع القليلة القادمة في تقديم درس حقيقي لكوريا الشمالية ربما سيكون مؤلما جدا لها أن تتقبله وتدرك أبعاده. فهو من الدروس القليلة الناجعة عن كيفية إحراز انتصارات على العدو دون أن تشغل نفسك بالحرب ضده ودون استعمال أي أسلحة سوى الذكاء واغتنام الفرص في الوقت المناسب وبالشكل المناسب. شهدت العلاقات الكورية الجنوبية في الأيام القليلة الماضية تطورا مهما هو الأول من نوعه منذ تأسيس كوريا الجنوبية وذلك عندما قام وزير الخارجية الكوري بزيارة لجمهورية كوبا خلال الفترة القصيرة الماضية لحضور مؤتمر الدول الكاريبية ACS ولقاء وزير الخارجية الكوبي للمرة الأولى في نفس الوقت. وفعل التقى وزير الخارجية الكوري بنظيره الكوبي وتباحثا حول السبل الكفيلة بتطبيع وتطوير العلاقات المشتركة بين البلدين. وعقب الزيارة أدلى وزير الخارجية الكوري بتصريح أشار فيه إلى الزيارة بأنها ستمثل خطوة مهمة ومعلما رئيسيا في تاريخ العلاقات المستقبلية المرتقبة بين البلدين. وقال إنهما اتفقا من حيث المبدأ على جعل العلاقات بينهما علاقة ودية و استعرضا عددا من الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية. ورغم أن التصريحات الصادرة عن الوزيرين لم تشر بشكل مباشر عن خطة الإعلان لبدء الروابط الدبلوماسية بين البلدين إذ أن العلاقات الدبلوماسية بينهما ظلت مقطوعة منذ تسلم الرئيس الكوبي Fidel Castro للسلطة في بلاده عام 1959 إلا أنه كان من الواضح جدا إن ذلك التطور لن يقتصر على ذلك فقط وإنما سيكون له قطعا ما بعده .واغتنم وزير الخارجية الكوري بعض المناسبات الأخرى الي أقيمت للترحيب به في العاصمة الكوبية هافانا مثل لقائه بالكوبين من ذوي الأصول الكورية حيث طلب منهم تعزيز الدور الذين يمكنهم لعبه كجسر بين كوبا وكوريا من أجل تطوير علاقات صداقة أعمق ، وهي خطوة موفقة إن ما بلغته العلاقات الكورية الجنوبية الكوبية من تردي وتنافر طوال ما يقارب ستين عما لن تصلح بشكل كامل العلاقات الرسمية وإنما من المؤكد أن يكون للعلاقات الشعبية القدح المعلى في مثل ذلك الإصلاح.
وجاءت زيارة وزير الخارجية الكوري الجنوبي في أعقاب زيارة لمسئول في حزب العمال الكوري الشمالي الحاكم لهافانا في إطار العلاقات التاريخية الرسمية القائمة بين كوبا وكوريا الشمالية منذ نهاية خمسينات القرن الماضي. وخلال الزيارة شارك الوزير في جلسات مؤتمر الدول الكاريبية وهو اتحاد إقليمي تأسس عام 1995 ويضم 25 دولة من الدول الكاريبية اللاتينية وتتمتع كوريا بعضويته بصفة مراقب وهي المرة الأولى التي ينعقد فيها المؤتمر في كوبا.
ربما يكون كل ما تقدم هو مجرد رصد لخبر رسمي قد يبدو عاديا ولا جديد فيه في إطار ما نستمع له كل يوم في نشرات أخبار الراديو والتلفزيون وفي صفحات الجرائد والمجلات. لكن الخبر نفسه لمن يهتم ويتابع السياسة الكورية غير عادي وربما يكون إيذانا ببدء مرحلة جديدة مختلفة فهذه هي أول زيارة لمسئول كوري جنوبي كبير لكوبا وقد جاءت في أعقاب عملية التطبيع الجارية منذ وقت قصير في العلاقات الكوبية الأمريكية بعد الزيارة التاريخية للرئيس الأمريكي أوباما لهافانا. وواضح إن كوريا الجنوبية ، كحليف وثيق لواشنطن، رأت اغتنام هذه الفرصة لتطوير علاقاتها الرسمية والشعبية مع كوبا لأهداف سياسية ودبلوماسية واقتصادية.
وتأتي زيارة كوبا أيضا في أعقاب زيارات وتحركات دبلوماسية كورية على مستوى عالي لدول كانت ذات علاقة وثيقة مع كوريا الشمالية مثل إيران وأوغندا والتي نجحت كوريا الجنوبية في الحالتين في انتزاع تصريحات من قيادات تلك الدول تقرب منها إلى كوريا الجنوبية وتباعد بينها وكوريا الشمالية. ويبدو أن كوريا الجنوبية تستهدف الآن أقرب حلفاء كوريا الشمالية إليها ومن الأرجح إن الزيارة ستكون بداية لتطورات لاحقة. وكان وزير الخارجية الكوري نفسه قد تحدث أمام البرلمان في فبراير الماضي خلال جلسة استماع حول سياسة كوريا الخارجية قال فيها إن بلاده تفكر في توسيع دائرة علاقاتها الدبلوماسية و السعي لتطبيعها وتطويرها حتى مع دول كانت تتخذ ضدها مواقف عدائية مثل كوبا.
كوريا الشمالية ظلت منذ فقترة تمارس تحرشاتها واستفزازاتها من صاروخية ونووية وغيرها ولم تشأ كوريا الجنوبية أن تجاريها في مثل تلك الممارسات الاستفزازية التي تعرض أمن وسلام واستقرار المنطقة للخطر، وإنما ترد عليها دبلوماسيا وذلك من خلال تجريدها من كل أصدقائها والمتعاطفين معها وتجعلها حقيقة دولة منبوذة عالميا حتى تعود مضطرة صاغرة الأنف من أجل السلام. وهكذا يكون ما فعلته الدبلوماسية الكورية الجنوبية في الأسابيع الماضية من جعل العديد من حلفاء كوريا الشمالية من الصين وحتى أوغندا ومن فيتنام حتى كوبا يرفضون سياسات كوريا الشمالية وبرامجها النووية ضربة معلم ودرس يستوجب أن يُدرك.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;