الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

أعراس أولمبية :

2016-09-13

سيول بانوراما

أعراس أولمبية :
الدورات الأولمبية أو الأولمبياد كما يسميها البعض هي عبارة عن مهرجانات رياضية صيفية وشتوية دورية وتجمعات عالمية شبابية تنافسية تحيل العالم باسره إلى ما يشبه مناسبة عرس أو فرح جامح وتصير المدينة التي تستضيف مثل ذلك العرس الأولمبي الباذخ محط أنظار العالم باسره من خلال وجود فعلي لمئات الألوف وربما الملايين من الأشخاص الذين يحرصون على المتابعة الميدانية الشخصية للمناسبات أو من خلال أجهزة التلفزيون التي تكون شاشاتها في جميع ومختلف أرجاء العالم في حالة استقبال متواصل لكل المباريات والمنافسات بحث تكون من الساعات النادرة التي يشاهد فيها جزء كبير من سكان العالم حدثا رياضيا بعينه وفي نفس الوقت رغم اختلاف التوقيت والأحوال المناخية. هكذا كان حال الدورات الأولمبية منذ أول دورة أولمبية انطلقت شعلتها في عام وحتى آخر دورة انطفأت شعلتها في ال من أغسطس الماضي في ريودي جانيرو في البرازيل حيث ظلت مناسبات عالمية ضخمة لكنها محصورة على النطاق الرياضي وحده.
غير أن الدورات الأولمبية التي سيجري تنظيمها في المستقل في منطقة شمال شرق آسيا بدءا من دورة بيونغشانغ الأولمبية في كوريا الجنوبية في العام 2018 ومرورا بالأولمبياد الصيفي في طوكيو الصيفي في عام 2020 والشتوي في بكين في 2022 ستكون مختلفة وأكثر شمولا وأكثر جاذبية لأنها لن تقتصر على المنافسات الرياضية وحدها لكنها ستكون بمثابة مهرجانات أو بالأحرى أعراس رياضية ثقافية فنية شبابية كبيرة وجامعة تشتمل على عدد كبير من العروض والبرامج الفنية والثقافية والمسرحية والغنائية والأدبية والتراثية والتقنية المتطورة . لن يقتصر التنافس على الألعاب الرياضية وحدها وإنما سيتعدى ذلك ليشمل كل الأنماط التي أشرنا لها . كل ذلك سيتم مع الحفاظ على روح وتقاليد وتراث الدورات الأولمبية دون تشويه أو تغيير في الأصل.
تم ذلك بعد أن اتفق وزراء الثقافة والرياضة والسياحة في كل من كوريا الجنوبية والصين واليابان على تبني مقترح كوري جنوبي في هذا الشأن خلال اجتماعهم الأخير الذي جرى في جيجودو Jejudo والإعلان الثلاثي الذي تم التوصل له في هذا الشأن. الفكرة من الإعلان الثلاثي هو توسيع المناسبات الأولمبية بحيث يحدث ما يشبه التزاوج بين الجانب الرياضي الرئيسي والجوانب الأخرى من فنية وثقافية وغيرها بحيث يجد الشباب مجالا أوسع للمشاركة حسب اهتماماتهم وهواياتهم ومواهبهم ومهاراتهم المتنوعة التي قد لا تقتصر على الرياضة وحدها. ستكون البداية بالطبع تجربة شمال شرق آسيوية خالصة ومقتصرة على الدورات الأولمبية الآسيوية الإقليمية أو الدولية الشاملة التي تقام في أي مدينة في دولة من دول شمال شرق آسيا على أن يتوسع الأمر تدريجيا ليعم بقية أنحاء العالم إذا ما أظهر نجاحا على المستوى الإقليمي.
كوريا الجنوبية والصين واليابان ، الدول الثلاثة الأكبر في منطقة شمال شرق آسيا، صارت كلها الآن دول عملاقة اقتصاديا وتقنيا وسياسيا وثقافي وفنيا، وهي دول بها نواحي متشابهة ومصالح متبادلة متكاملة في كثير من الحالات خاصة على المستوى الاقتصادي والجغرافي والإقليمي والتراثي، لكن بينهم من الخلافات والنزاعات ما صنع الحداد في نواحي أخرى من سياسية وعسكرية وتاريخية وحدودية. فالصين واليابان بينهما خلافات تاريخية واستراتيجية قديمة وعديدة وبينهما مشكلة حدودية كبيرة. وكوريا واليابان يسميهما البعض باسم الأخوة الأعداء لما بينهما من مصالح مشتركة كضلعين رئيسيين في الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة يتعرضان لنفس التهديد والاستهداف الأمني لكن بينهما عداء تاريخي عميق وقضايا تاريخية غائرة مثل قضية نساء المتعة ونزاع حدودي مستمر في الجزر التي تسميها كوريا دوكدو وتسميها اليابان تاكشيما ، والصين هي أهم شريك تجاري واقتصادي لكوريا الآن، لكن تلك الشراكة كثيرا ما تكون أسيرة ومتناقضة مع التحالف الأمني والسياسي والعسكري الكبير بين كوريا والولايات المتحدة الأمريكية والتي تعتقد الصين إنه تحالف يستهدفها. لكل تلك الخيوط المتراكبة والمتشابكة والمعقدة، فإن مناسبات أولمبية تدعو للتصالح والتضامن والتوافق النفسي والشعوبي والمزاجي بين تلك الدول ستكون ذات نفع ومصلحة مشتركة على كل تلك البلدان وعلى القارة الآسيوية جمعاء، ويحق لها ألا تكون مجرد ألعاب أولمبية وإنما أفراح بل وأعراس أولمبية.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;