"أبناء سيول" قصة قصيرة تدور حول أربعة أصدقاء ولدوا ونشأوا وترعرعوا في الريف وهاجروا بعد انتهاء الحرب الأهلية الكورية إلى العاصمة سيول، وصاروا من أفراد الطبقة التي بدأت تعرف باسم الطبقة البرجوازية الصغيرة.

"جلسنا تحت ضوء لمبة مشتعلة بالجاز حول ما يفترض أنه طاولة طعام. قدموا لنا وجبة عشاء من شرائح الفجل المجفف وحساء وبعض الكيمتشي والأرز، إضافة إلى نبيذ تقليدي. كنا جوعى، فأكلنا بشهية ذلك الطعام الممزوج برائحة الأرض. وقال تشيه: "ما ألذ هذا الطعام. لم أتذوق مثله منذ أكثر من عشرة أعوام، وطبق الحساء هذا وحده يستحق كل تعب ومشقة الرحلة. استمتعنا بوجبة لذيذة وتبادلنا الحكايات والذكريات والطرائف التي كانت تحدث لنا في مناطقنا الريفية. وقال أحدنا إنه ما زال يتذكر ذلك المشوار المتكرر الذي يتطلب منه تسلق الجبل لجمع بعض الحطب وإحضاره للمنزل عندما كان تلميذا في المدرسة الابتدائية"

"لم يكن العشاء الأخير بنفس ذلك المذاق الشهي لعشاء الأمس رغم أنه كان يتكون من نفس المواد. شعرتُ بالنبيذ هذه الليلة يسبب لي حموضة في المعدة وحرقة في الحنجرة ورغبة في التقيؤ. كانت رائحة الدخان المنبعثة من مصباح الجاز منفّرة. وكان منظر الجبل الشاهق والجداول المائية التي تتخلله مناظر مدهشة وساحرة عندما شاهدناها بالأمس، أما اليوم فقد باتت منظرا عاديا مكررا ومملا. شعرتُ برغبة شديدة في تناول كوب من القهوة في سيول، وتمنيت لو أن ذلك يتم في أسرع وقت".

# شريط مقابلة أستاذ الأدب الكوري في جامعة سيول الوطنية، بانغ مين هو.

لقد صاروا الآن نفسيا ووجدانيا جزءا لا يتجزأ من مدينة سيول ونسيجها المجتمعي وتركيبتها رغم ما يحملون في داخلهم من مشاعر وذكريات حول الماضي وحنينهم للحياة البسيطة الآمنة في الريف بكل ما فيه. هكذا يمكن أن نرى أن هذه القصة تدور حول الصراع بين القديم والجديد وبين الماضي والحاضر. وقد نجحت في تصوير كل ذلك من خلال وصف رحلة قصيرة من حيث الزمان والمكان.

"تنفسنا الصعداء. وعدنا للحديث وتبادل النكات والتعليقات بعد صمت طويل دام أكثر من أربع ساعات. عادت سيول لتعيش من جديد في داخلنا وبين أنفاسنا، بكل مشروباتها الكحولية، وضحكات نسائها المجلجلة، وروائح اللحوم الشهية المشوية في الشوارع. عدنا إلى سيول كما تعود الأسماك إلى مياهها. وقال يون: "صحيح أننا نحمل ذكريات طيبة عن طفولتنا في مواطننا القديمة، لكن كل ذلك لا يمنع من أن نعترف بأننا الآن صرنا من أبناء سيول حتى النخاع".

---

 الكاتب "تشيه إيل نام":

وُلد في جونجو بمقاطعة تشولا الشمالية، في 29 ديسمبر 1932. نشر أول أعماله عام 1953 في مجلة أدبية، وفاز بعدة جوائز أدبية. وتعد قصة "أبناء سيول" من أشهر أعماله.