الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

رفع توقعات مؤسسة مودي للقدرات السيادية الائتمانية لكوريا

#قضية اقتصادية l 2012-04-09

رفع توقعات مؤسسة مودي للقدرات السيادية الائتمانية لكوريا
أظهر الاقتصاد الكوري في الفترة الأخيرة عدة مؤشرات إيجابية مشجعة،وتوقعات بمستقبل مشرق زاهر، ومن بينها قيام مؤسسة عالمية رائدة مثل "موودي" المتخصصة في التقييم السيادي الائتماني ودرجة استحقاق الحصول على القروض، برفع معدل كوريا من " مستقر" إلى "إيجابي". هكذا سوف تصبح كوريا قريبا مستحقة للحصول على الدرجة AAفي وقت بدأت فيه العديد من الدول في التراجع بالنسبة لمعدلات درجتها الائتمانية السيادية. لماذا فعلت مؤسسة مثل موودي ذلك؟


الدكتور كيم شانغ بيه من المعهد الكوري للبحوث الاقتصادية :
هناك معنيان ممكنان لذلك الترفيع. الأول هو مدى الثقة التي يوليها العالم للاقتصاد الكوري الجنوبي وأدائه. منذ عام 2011 لم تقم مؤسسة موودي بترفيع القدرات الائتمانية السيادية لأي دولة في العالم لما فوق الدرجةA سوى بالنسبة لثلاث دول فقط هي كوريا وتشيلي وبوتسوانا. لهذا فقيام مؤسسة موودي بمثل ذلك الإجراء أمر له أهمية ومغزى كبير. ثانيا: الترفيع من درجة مستقر إلى درجة إيجابي يرفع كوريا من مجال إلى مجال ومن تصنيف إلى تصنيف أعلى وهو أمر يحمل أهمية كبرى للصورة الاقتصادية لأي بلد ولمستوى لم تصله كوريا من قبل.


التقييم الائتماني السيادي هو توقع بخصوص التغيرات التي تطرأ على قدرات أي دولة على الاستدانة والسداد خلال العام أو العامين المقبلين. التقييم " إيجابي" عادة ما يكون تقييما مرتبطا بتعديل قدرات الدولة نحو الأعلى على خلاف التقييم "سلبي" الذي يعني تدنيا في قدرات الدولة بخصوص الاقتراض والاستدانة من المؤسسات المالية العالمية. رفع القدرة الائتمانية لكوريا لهذا المستوى يعتبر دفعة قوية لها حيث بدأت معدلات كوريا في الإرتفاع بشكل مستمر منذ أن قامت مؤسسة موودي بتخفيض قدراتها الائتمانية عام 1997. فما الذي دفع مؤسسة مثل موودي لهذا التقييم الإيجابي؟

الدكتور كيم شانغ بيه من المعهد الكوري للبحوث الاقتصادية :
هنالك أربعة عوامل في تقديري. العامل الأول هو السلامة المالية ، فمنذ الأزمة المالية العالمية الأخيرة ظلت مؤسسات التقييم الائتماني تراقب عن كثب ظروف وأوضاع السلامة المالية في كل دولة عند وضع أي درجة خاصة بتقييمها ائتمانيا. العامل الثاني هو السلامة الخارجية أي معدلات النمو المحتمل ودرجة التضخم. هكذا فإن موودي تبدو متأكدة من قدرات كوريا على سداد أي قروض خارجية أجنبية. العامل الثالث متعلق بالبنوك الكورية التي اعتبرتها المؤسسة أقل هشاشة فيما يتعلق بالعوامل الخارجية . أما العامل الرابع والأخير فهو خاص بالأوضاع في كوريا الشمالية ـ فعلى الرغم من التغيير الذي حدث في قمة هرم السلطة بعد وفاة الزعيم كيم جونغ ايل إلا أن الأوضاع السياسية ظلت تحت السيطرة مما انعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد الكوري الجنوبي.


ومن بين تلك العوامل الأربعة فمن المؤكد أن عامل السلامة المالية كان هو العامل الأهم. وحسب إحصائيات صادرة من البنك المركزي الكوري فقد ازدادت ديون الحكومة والشركات الكورية بنحو 71 مليار دولار خلال الأعوام الأربع الماضية. يبلغ معدل الدين القومي في كوريا 32% من إجمالي الناتج المحلي وهو معدل يقل كثيرا عن متوسط نسبة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تبلغ 100%. بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في كوريا خلال الربع الأول من العام الجاري 2.3 مليار دولار وهي أكبر نسبة تشهدها كوريا منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008 مما يعكس الرأي العام الإيجابي الدولي حول مسار وأداء الاقتصاد الكوري. فكيف سيؤثر ذلك التطور الإيجابي على الاقتصاد الكوري؟

الدكتور كيم شانغ بيه من المعهد الكوري للبحوث الاقتصادية :
في نوفمبر الماضي كانت مؤسسة تقييم ائتماني سيادي كبرى أخرى هي " فيتش" قد قامت كذلك برفع درجة التقييم الائتماني السيادي لكوريا. وها هي "موودي" تحذو حذوها بعد 4 أشهر فقط. يعني هذا إن اثنين من كبريات مؤسسات التقييم الائتماني اتفقتا على سلامة أداء الاقتصاد الكوري ، مما يوحي بأن مؤسسة ائتمانية ثالثة كبرى مثل " ستنادر&بوورز" التي تنتهج المعايير الأكثر تشددا في تقييمها ستقوم هي الأخرى قريبا بترفيع القدرات الكورية. كل ذلك سوف يعود بالكثير من المزايا على كوريا وسيسهّل كثيرا جدا على الشركات الكورية الحصول على قروض خارجية ، ويعزز من ثقة المجموعات المالية العالمية في الاقتصاد الكوري مما سينعكس إيجابا على حركة تدفقات الاستثمارات الأجنبية ، ومما سيؤدي إلى خفض درجات الفائدة محليا في كوريا ويقلل من تكلفة الاستثمار وبالتالي زيادتها وقدرة الأسر والأفراد والشركات الصغرى على الاستدانة والسداد.


في أغسطس الماضي تراجع تقييم القدرات الائتمانية الأمريكية من AAA إلى AA وذلك للمرة الأولى خلال سبعين عاما. وعندما تتفق المؤسسات الائتمانية العالمية الثلاثة الأكبر في العالم على اتخاذ قرار مثل تخفيض القدرات السيادية الائتمانية لأي دولة كما حدث بالنسبة لعدد من الدول الأوربية ،تتعرض الأسواق المالية وأسواق الأسهم والسندات للاهتزاز والغليان وربما الانهيار. بالنسبة لكوريا فقد استمرت الصادرات في الارتفاع وحافظ احتياطي النقد الأجنبي الكوري على مستواه في حدود 316 مليار دولار وكلها مؤشرات إيجابية وهامة وتساعد على تدفق وانسياب عمليات التمويل والاستثمار. رغم ذلك فلم يحن وقت الاسترخاء بعد. إذ لا يجب أن تركن كوريا لعملية رفع معدلاتها فقط ، بل يجب عليها أن تسعى لتحويل الرفع إلى مزايا حقيقية واقعية ماثلة تنعكس على مستوى حياة ومعيشة سكانها.

الدكتور كيم شانغ بيه من المعهد الكوري للبحوث الاقتصادية :
إذا ما سارت الأمور كما هو متوقع ودون حدوث مفاجآت فإن عمليات زيادة التقييم الإيجابي سوف تستمر في المستقبل القريب. درجة تقييم كوريا تماثل الآن عددا من الدول منها المملكة العربية السعودية والهند والصين واليابان وتايوان وبلجيكا وتشيلي. الفجوة بين المؤشرات الاقتصادية والاقتصاد الحقيقي هي مشكلة ليست حكرا على كوريا وحدها وإنما تؤثر كذلك على دول اقتصادية رئيسية ومتطورة. المشكلة ناجمة ، في تقديري، من التضارب بين النمو والبطالة. المشكلة ليست كما كان الحال عليه في الماضي حيث صار النمو لا يضمن زيادة في معدلات التوظيف والعمالة وهو ما قد يعني مظاهر ركود وتدني في دخل الأسر المنزلية. هكذا فإن المؤشرات الاقتصادية المشرقة التي تشهدها كوريا لم تنعكس بعد بشكل واضح على حياة المواطن العادي. لهذا يجب أن تسعى كوريا من أجل خلق المزيد من فرص العمل وتحسين الاقتصاد الحقيقي.


جميل ورائع أن يتم ترفيع معدل تقييم كوريا ائتمانيا وسياديا ، برغم كل مظاهر المخاطر الاقتصادية العالمية المنتشرة. المؤشرات وحتى الإحصائيات وحدها لا تكفي، إذ لا بد من ترجمتها لواقع ملموس في الاقتصاد الحقيقي للمواطن في شكل مزيد من الدخول ومزيد من الوظائف. كوريا ما زالت عرضة للمخاطر التي يمكن أن تنجم عن المشاكل والاضطرابات الاقتصادية في العالم وارتفاع الأسعار العالمية للوقود وتدني حجم الإنفاق الداخلي بسبب التضخم أو ضغط الديون. الشكوى أو البكاء على الأطلال وحده لا يجدي ،فالمطلوب هو العمل على تأمين استمرار رفع معدلات التقييم وتحويل الأمر من مجرد مؤشرات نظرية إلى واقع عملي حي وملموس في حياة المواطن.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;