الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الاقتصاد

التدهور الديموغرافي في كوريا الجنوبية

#قضية اقتصادية l 2019-07-01

© YONHAP News

أشارت إحصاءات حديثة إلى حقيقة الزيادة في التدهور الديموغرافي في كوريا الجنوبية. فوفقًا لتقرير صادر عن هيئة الإحصاءات الكورية يوم 27 يونيو، سينخفض عدد السكان في سن العمل في البلاد بحوالي 12 مليونا خلال الفترة من عام 2017 إلى عام 2047. وفي الوقت نفسه، ستبلغ نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا في ثماني مدن ومقاطعات رئيسية، أكبر من 40% من إجمالي عدد السكان في مناطقهم، خلال العقود الثلاثة القادمة.


"لي سام شيك" رئيس "معهد مجتمع الشيخوخة" التابع لجامعة "هان يانغ":

بدأ عدد السكان في بوسان، التي تعد ثاني أكبر مدينة في البلاد، في التناقص بالفعل منذ عام 1996. وبدأ الانخفاض في عدد سكان العاصمة سيول في عام 2010، وفي مدينة ديغو في عام 2012، وفي ديجون في عام 2015. وتقول هيئة الإحصاءات الكورية إن عدد السكان في مقاطعتيْ جنوب وشمال جولا، ومدينة أولسان ومقاطعة شمال كيونغ سانغ، قد بدأ في الانخفاض في عام 2017، كما ستواجه مقاطعة جنوب كيونغ سانغ نفس الوضع خلال هذا العام. بعبارة أخرى، فإن الانخفاض في عدد السكان الذي بدأ في المدن الكبيرة، صار ينتشر إلى المناطق الأخرى. لكن الوضع مختلف في مدينة سيجونغ، وهي مدينة تأسست حديثًا وتضم المجمع الحكومي، وتضم أيضا عددًا متزايدًا من الشباب. وتتوقع هيئة الإحصاءات الكورية أن تكون مدينة سيجونغ هي آخر مدينة ترى انخفاضا في عدد السكان.


توقعت هيئة الإحصاءات الكورية أن يشهد عدد السكان في 11 مدينة ومقاطعة انخفاضًا فيما بين عاميْ 2017 و2047. وفي غضون 14 عامًا من الآن، سيتجاوز عدد الوفيات عدد المواليد الجدد في جميع المناطق، باستثناء مدينة سيجونغ. 


الرئيس "لي سام شيك":

 في هذه الأيام، يجد الشباب صعوبة متزايدة في الزواج. فقبل الزواج، يتعين عليهم الحصول على وظائف مستقرة تضمن دخلًا ثابتًا وأيضًا تأمين منازل للعيش. ولكن لسوء الحظ، لا تزال سوق العمل بطيئة. وحتى إذا وجدوا وظائف، يعمل الكثير منهم كموظفين مؤقتين، وحتى إذا حصلوا على وظائف لائقة، فلا يمكنهم تحمل تكلفة شراء أو استئجار منازل بسبب ارتفاع أسعار المساكن. ونتيجة لذلك، فإن العديد من الشباب يؤخرون الزواج أو يتخلون عنه تمامًا، مما يؤدي إلى انخفاض معدلات المواليد. أما الذين تمكنوا من الزواج بالفعل فإنهم يترددون في إنجاب أطفال بسبب التكلفة العالية للتعليم الخاص. ولهذا يفضل العديد من الأزواج إنجاب طفل واحد فقط.


يتجنب الشباب الزواج وإنجاب الأطفال بسبب عوامل متعددة، بما في ذلك عوامل ثقافية واقتصادية. ووفقًا لدراسة أجراها المعهد الكوري للصحة والشؤون الاجتماعية، ذكر الرجال والنساء غير المتزوجين "الظروف الاقتصادية" و"القيم الاجتماعية والثقافية المرتبطة بالزواج"، على التوالي، باعتبارها السبب الرئيسي لاختيارهم البقاء غير متزوجين. وهذا يعني أن مشكلة انخفاض عدد السكان في كوريا تعتبر مشكلة معقدة، تشمل التباطؤ الاقتصادي، وانخفاض عدد فرص العمل، وأعباء أسعار الإسكان، وعدم الكفاية في مرافق رعاية الأطفال، وغير ذلك. أما النتيجة الأكثر خطورة لكل ذلك فهي أن انخفاض عدد السكان في سن العمل سوف يشكل عبئا كبيرا على الاقتصاد والمجتمع.


الرئيس "لي سام شيك":

تقوم الحكومة بإنشاء صناديق للرعاية الاجتماعية اللازمة بتمويل من السكان في سن العمل، الذين يساهمون في الضرائب والمعاشات والتأمين الصحي. ولذلك سوف تؤدي زيادة نسبة كبار السن وتناقص عدد السكان المنتجين إلى أعباء ثقيلة على السكان في سن العمل، كما قد يتم أيضًا تخفيض مزايا الرعاية الاجتماعية لكبار السن. وهذا يعني أن كلا من الأجيال الشابة وكبار السن سوف يعانون من تدهور نوعية الحياة.


بدأ عدد السكان النشطين اقتصاديًا في كوريا، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا في الانخفاض في عام 2017. ويشكل هذا العدد حاليًا 73% من إجمالي عدد السكان الكوريين، إلا أنه من المتوقع أن ينخفض إلى 45%، أي أقل من نصف عدد السكان، في عام 2067. ومن ناحية أخرى، من المتوقع أن يتجاوز عدد كبار السن الذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، مستوى 10 ملايين نسمة في عام 2025، وأن تصبح نسبتهم 46.5% من إجمالي عدد السكان في عام 2067. وسوف يؤدي الانخفاض في عدد السكان في سن العمل إلى زيادة كبيرة في أعباء الدعم الذي تقدمه الأجيال الشابة. ففي عام 2017، دعم كل 100 شخص في سن العمل 36.7 من كبار السن والأطفال. لكن من المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 120.2 في عام 2067. هكذا يبدو واضحا أن كوريا تقترب بسرعة مما يسمى بـ"المنحدر الديموغرافي"، الذي يتوقع له أن يؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني.


الرئيس "لي سام شيك":

في الوقت الحالي، يجد الشباب صعوبة في العثور على وظائف لائقة. ومع ذلك، في غضون 10 إلى 15 عامًا، سيكون هناك وظائف متوافرة بعدد أكبر من الباحثين عن عمل، بسبب تناقص القوى العاملة، مما قد يتسبب في حدوث اضطراب كبير في سوق العمل. يميل كبار السن إلى الاستهلاك بدرجة أقل بسبب عدم كفاية الدخل. وبينما يحرص السكان المنتجون على إنفاق الأموال، فإن انخفاض عدد السكان سيؤدي إلى انخفاض الاستهلاك بشكل عام. وتعتبر هذه أخبارا سيئة للشركات، حيث إن عدد الأشخاص الذين يستهلكون سلعها وخدماتها سوف ينخفض. وقد تتوقف بعض الشركات المصنعة عن العمل ويفقد الاقتصاد حيويته.


إذا استمر الاتجاه الحالي كما هو، فسوف ينتهي الاقتصاد الكوري إلى حلقة مفرغة من معدلات المواليد المنخفضة، وانخفاض عدد السكان، والطلب المحلي البطيء، والانكماش الاقتصادي، وهبوط المواليد مرة أخرى. وفي هذا السيناريو غير المرغوب فيه، سينخفض الاستهلاك والاستثمار بشكل عام، مما سيؤدي إلى انخفاض فرص العمل وانخفاض الإنتاجية. وسوف يختار المصنعون نقل قواعد الإنتاج الخاصة بهم إلى الخارج. وسوف يتعين على المواطنين دفع المزيد من الضرائب للتعويض عن تكاليف الرعاية الاجتماعية المتزايدة، في حين أن قطاعيْ التعليم والعقارات سيخضعان لعملية تحول هيكلي نتيجة للتغيير الديموغرافي. هكذا، من المتوقع أن يفقد الاقتصاد الكوري قوته. وفي ظل هذه الظروف، من الضروري للحكومة الكورية وضع خطة أكثر فاعلية تتعامل بشكل مباشر مع جيل الشباب وتوجهاتهم.


الرئيس "لي سام شيك":

هذه مشكلة صعبة بالفعل. ففي الوقت الحالي، تحجم الشركات عن توظيف الشباب، خاصة في أعقاب تخفيض ساعات العمل الأسبوعية إلى 52 ساعة بحد أقصى، والزيادات الكبيرة في الحد الأدنى للأجور. من الضروري معالجة قضايا بطالة الشباب والعمالة المؤقتة من وجهة نظر جيل الشباب أنفسهم. وإذا تمكنت سوق العمل من ضبط عناصر مختلفة، مثل الأمن الوظيفي، والوظائف المؤقتة للشباب، بطريقة سليمة، فسوف يكون لذلك تأثير إيجابي في زيادة معدلات الخصوبة في البلاد، وهو ما حدث بالفعل في حالتيْ السويد واليابان.


تخطط الحكومة الكورية للإعلان عن خطة مفصلة تستهدف معالجة مشكلة انخفاض معدلات المواليد وزيادة الشيخوخة السريعة في البلاد. ونأمل أن تتضمن تلك الخطة تدابير أكثر واقعية وأكثر شمولا وأن تعكس بشكل أفضل احتياجات جيل الشباب وأهدافهم.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;