الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

القائمة السوداء :

2017-02-07

سيول بانوراما

القائمة السوداء :
القائمة السوداء هي قائمة شغلت الشعب الكوري كثيرا في الآونة الأخيرة واستقبلها الكثيرون بغير قليل من الغضب واعتبروها طعنة نجلاء في قلب الديمقراطية والحرية واستهتار بالقيم الدستورية العليا للبلاد وعودة بها لأزمنة البطش والقمع والاستبداد.
وكانت آخر تطورات هذه القضية التي تجيء لتعمق الفضيحة الرئاسية الكبرى التي ظلت تعيشها البلاد طوال بضعة الأشهر الماضية وأدت إلى قرار البرلمان بمحاسبة الرئيسة ورفع توصية للمحكمة الدستورية العليا بعزلها وهو ما يتوقع البعض حدوثه في أي يوم في الفترة القليلة الماضية. تمثلت آخر تطورات هذه القضية في اعتقال كل من وزيرة الثقافة السابقة وكبير مستشاري القصر الرئاسي السابق لدورهما في ما صار يعرف باسم " القائمة السوداء للفنانين. ورغم أن التطورات الخاصة بالاعتقال والاستقالة جاءت في إطار تداعيات تلك الفضيحة إلا أن قضية القائمة السوداء للفنانين تعود لأكثر من عامين قبل ظهور الفضيحة الأخيرة بصدور تسريبات صحفية تؤكد أن القصر الرئاسي أعد قائمة سوداء تشمل عددا كبيرا من الفنانين قدّرهم البعض بنحو عشرة ألف فنان منهم روائيين وأدباء وكتاب مشهورين ومخرجين سينمائيين وتلفزيونيين لامعين وشخصيات إعلامية وفنية في مختلف المجالات. وذلك إما بسبب مواقفهم العدائية أو غير المتسقة مع القيادة السياسية للدولة ممثلة في رئيستها ، أو لاعتبارهم محسوبين على قيادات معارضة ومناوئة للرئيسة. وحسب التسريبات فإن وزيرة الثقافة المستقيلة التي كانت تشغل في ذلك الوقت منصب مستشارة الشئون السياسية في القصر بالتعاون مع كبير مستشاري القصر الرئاسي السابق كانا مسئوليّن بشكل مباشر عن إعداد القائمة، وإنهما كانا يتلقيان التعليمات في هذا الصدد بتوجيه مباشر من الرئيسة. وأشارت المعلومات المسربة والتحقيقات السرية التي جرت إن كل من تشمله القائمة السوداء يُحرم وتُحرم مؤسسته من الاستفادة من أي دعم مالي أو أي شكل من المساعدات أو الإعلانات الحكومية أو أي مشاركة في أي مناسبات رسمية أو مشروعات فنية ترعاها أو تتبناها الدولة .
ورغم أن الرئيسة والقصر الرئاسي نفوا علمهم بتلك القائمة إلا أن مسئولين سابقين شهدوا وأكدوا أن الأمر كان حقيقة واقعة لا تقبل الشك وإن الشبكة التي كانت تتحكم في كل ما يتعلق بالقائمة السوداء كانت تتلقى تعليماتها بشكل واضح من القصر الرئاسي والرئيسة بالتحديد. وبسبب أن العديد من الكتاب والفنانين الذين كانت تشملهم القائمة هم من الحائزين على جوائز كبرى ويتمتعون بقواعد جماهيرية وشعبية واسعة، فإن ذلك سيؤجج من الغضب الشعبي، ويحرّج من موقف الرئيسة الذي وصل أصلا مرحلة بالغة في الحرج.
من المؤكد بكل المعايير إن ما تم هو فعل قبيح لا يليق بدولة قطعت شوطا معتبرا في طريق التحول الديمقراطي ونجحت في التغلب على أنظمة عسكرية ودكتاتورية باطشة وقدمت أرتالا من الشهداء، وكان الكثيرون من الفنانين والمبدعين في مختلف المجالات، هم من بين أكثر من سخروا فنونهم وإبداعهم لخلق دولة ومجتمع حر وديمقراطي. لكن ما قام بهم فنانون آخرون في الأيام الماضية هو عمل قبيح ومسيء ومبتذل ولا يمت للفن بصلة ولا يعكس أي روح فنية أو إبداعية بأي شكل من الأشكال. قام عشرون من الفنانين وجلهم من معارضي الرئيسة وحزبها الحاكم بتنظيم معرض فني داخل البرلمان احتوى على لوحة مكبرة للرئيسة وهي عارية تماما ومستلقية على سرير بجانب صورة لصديقتها المقربة بطلة فضيحة الفساد والرشوة واساءة استخدام السلطة تحت اسم "نوم قذر".
مهما كان حجم الخطأ والجرم الذي ارتكبته الرئيسة في ما صار يعرف باسم القائمة السوداء فإن ما ارتكبه أولئك الفنانون ممن نظموا ذلك المعرض المشين وعرضوا تلك اللوحة المبتذلة هو خطأ وجرم بشع لا يقل قبحا وسقوطا أخلاقيا. فالرئيسة مهما أخطأت تظل حتى الآن رمزا لكرامة وشرف كل كوري ولا يمكن عرض لوحة لها بذلك الشكل المفتقر لذرة أخلاق، خاصة وإن المحكمة الدستورية ما زالت تبحث الأمر بشكل قانوني، وحتى لو جرّمتها المحكمة واتخذت قرارا بعزلها يبقى من المعيب والمشين تصويرها وعرضها بذلك الشكل القذر والمهين، ليس للرئيسة وحدها، وإنما لكوريا وتراثها الأخلاقي والديمقراطي. جميل أن البعض شرعوا في جمع حملة توقيعات تنادي بمقاضاة مجموعة الفنانين المنظمين للمعرض وللفنان الذي قام برسم اللوحة التي أطلق عليها اسم "نوم قذر" وكان الأحرى والأنسب تسميتها "فن قذر" لأنها ، في تقديري، عمل لا يمت للفن بصلة وينضح بشكل لا حد له من القذارة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;