الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

اغتيال طالب :

2017-07-04

سيول بانوراما

اغتيال طالب :
"أوتو وارمبيير" طالب أمريكي في عنفوان الشباب وفي ريعان الفتوة وفي قمة صحته ونشاطه البدني دفعته فتوته وشبابه الغض كما يفعل الشباب في العادة في مختلف بقاع العالم للسفر والترحال بحثا عن المغامرة والمعرفة وارتياد المجهول، غير أن حظه العاثر قاده فعلا لارتياد المجهول، لكنه مجهول يرفض أن يواكب تطور العصر ولا يعترف بمنطق التحولات التي اجتاحت العالم في السنوات الأخيرة، ويتقوقع في منطقه الذي لا يكترث لدوافع الأحلام والمغامرات الشبابية والرغبة في اقتحام المستقبل وارتياد الآفاق الجديدة التي تقود نحو الأمام وقهر التحديات المعرفية، فوجد نفسه في بلد يحرص على العيش في ماضيه القديم وقوالبه السياسية والفكرية المحنطة التي أكل عليها الدهر وشرب، وكان ذلك البلد الذي وطأته قدما الشاب الحالم والفتي المتطلع الذي يبلغ من العمر 22 عاما فقط هو كوريا الشمالية آخر الأوكار الحية الآن في العصر الشيوعي بمفهومه القديم وممارساته التي لفظها العالم وصارت مجرد تاريخ قديم وإرث من الماضي. كان وارمبير طالبا في جامعة فيرجينيا عندما تم اعتقاله بواسطة السلطات الكورية الشمالية في يناير من عام 2016 خلال زيارة قصيرة له إلى هناك لم تستغرق سوى خمسة أيام بتهمة سرقة من فندق في يبونغيانغ وتقرر حبسه لمدة 15 عاما مع الشغل الشاق. دخل في غيبوبة طويلة وعاش الفتى 17 شهرا متصلا من الظلام والضياع والغيبوبة والقهر والتعذيب بسبب تلك التهمة التافهة والمفبركة والمختلقة وبلا أي أسس أو أدلة أو براهين وهي الشروع في سرقة مواد ومنشورات دعائية بهدف تهريبها للخارج، وكأن الفتى من السذاجة والغباء أن يحاول تهريب ملصقات ومواد دعائية تتحدث عن العظمة والتطور الذي ظلت تحققه كوريا الشمالية من أجل بناء مجتمع العدالة الاجتماعية والرفاهية والازهار والاكتفاء الذاتي من أجل تنوير العالم بما يحدث البلد المغلق الذي ترتكز كل سياساته وأدبياته وإنجازاته على بث ونشر وترويج المواد الدعائية والإعلانية التي تؤكد عكس ما يحدث تماما على الأرض حسب ما يعلم كل شخص في هذا العالم العريض، وهي تهم حتى لو ثبت صحتها كان حري بها أن تؤدي لشكر الشاب وتكريمه بسبب ما قدم من خدمات جليلة وثمينة لنظام ظل يوجه كل إمكانيات وموارد شعبه على قلتها ومحدوديتها من أجل مثل تلك الأكاذيب. عاش الشاب الذي دخل كوريا الشمالية مملوءً صحة وعافية وحيوية ونشاطا عاما ونصف العام في معتقله المفتقر لأبسط قواعد ومتطلبات الإنسانية وتحت التعذيب المنهجي كما تؤكد أسرته والأطباء الذين أشرفوا على تشخيص ودراسة حالته وخرج منها أشبه بالجثة الهامة وفي حالة غيبوبة مزمنة، وذلك عندما قامت السلطات الكورية الشمالية وبعد الكثير من المفاوضات والأجاويد بتسليمه لسلطات بلاده التي كانت تأمل في أن تتمكن من إسعافه وعلاجه وإعادته للحياة غير أن حالت الصحية المتأخرة والمستعصية حالت دون ذلك . الطريقة البشعة والشنيعة التي توفى بها الشاب الأمريكي تحت التعذيب تؤكد إن كوريا الشمالية ستظل هي الدولة الأسوأ على النطاق العالمي في مجال الحقوق الإنسانية وقد تابعها العالم بكثير من الاستياء والتقزز وكان لها وجود مؤثر في القمة الأولى بين الرئيسين الأمريكي والكوري الجنوبي مون جي إن في اليومين الماضيين وقال الرئيس الأمريكي وهو ينعي وفاة مواطنه إن بلاده تدين المسلك الكوري الشمالي البشع والبربري غير الإنساني بشدة وستعمل كل ما يمكن لجعلها تتحمل وزر ومسئولية ما حدث، كما وضع ذلك التطور الرئيس الكوري الجنوبي في وضع صعب وهو يحاول طرح أي مبادرات أو اقتراحات بالتطبيع أو الحوار مع كوريا الشمالية.
كل دول العالم بمختلف مشاربها تعطي تقديرا واهتماما هائلا للشباب والطلاب باعتبارهم نصف الحاضر وكل المستقبل، والتبادل الشبابي والطلابي والثقافي صار الآن من أهم الأشياء التي تحرص عليها كل بلاد العالم من أجل خلق عالم أفضل وأجمل وأنبل، ما عدا كوريا الشمالية التي دائما ما تغرد خارج السرب العالمي الذي يسعى لخلق عالم متكامل وشاب بينما تستغرق هي في قناعاتها القديمة التي تجاوزها الزمن رغم أن من يحكمها الآن هو أصغر الزعماء في العالم أجمع وأكثرهم شبابا.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;