الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

ثم ماذا بعد !!!

2017-07-11

سيول بانوراما

ثم ماذا بعد !!!
الزيارة الأخيرة للرئيس الكوري الجنوبي مون جي إن للولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب والتي استغرقت 5 أيام لم تكتسب أهميتها فقط من حيث أنها أول زيارة خارجية للرئيس الكوري منذ توليه منصب الرئاسة في شهر مايو الماضي، وإنما من حيث أنها اشتملت على أول لقاء قمة بين رئيسين جديدين للبلدين الحليفين، ليسا مختلفين فقط في الكثير من رؤاهما وأفكارهما وتصوراتهما ، وإنما كذلك عن أكثر الرؤساء الذين سبقوهما، خاصة ترمب الذي هو عينة جديدة ومختلفة ومغايرة تماما لكل
الرؤساء الأمريكيين الذين سبقوه منذ الرئيس جورج واشنطن عام 1789 وحتى الرئيس باراك أوباما عام 2009.

القمة مع رئيس أكبر دول في العالم تكون شيئا صعبا عندما يكون ذلك الرئيس هو دونالد ترمب بآرائه العجيبة في كثير من الأحيان وتصريحاته الأكثر عجبا في أحيان أكثر والتي كثيرا ما تكون في شكل تغريدات في وسائل التواصل الاجتماعي وليس عبر منافذ وقنوات رسمية كما كان في السابق.

كذلك فإن الرئيس الأمريكي سبق له كمرشح رئاسي عن الحزب الجمهوري، وكرئيس جديد، وكشخص، أن طرح العديد من الآراء والأقوال الغريبة المتعلقة بكوريا وما بين الدولتين الحليفتين من اتفاقات أمنية ودفاعية واستراتيجية واقتصادية وتجارية، وبالوجود الأمريكي الاستراتيجي في كوريا الجنوبية وما يتعلق بنفقاته سواء بصورته القديمة منذ منتصف خمسينات القرن الماضي أو حسب التطورات الجديدة الخاصة بنشر المنظومة الصاروخية الدفاعية الأمريكية " ثاد".
كلها أشياء تحدث حولها الرئيس الأمريكي مشيرا إلى ان بلاده هي من يتحمل عبء تكاليف حماية أمن كوريا الجنوبية وإن كوريا الجنوبية لا تدفع إلا الفتات لحماية امنها متناسيا الأشياء التي لا تقدر بقيمة والتي يوفرها ذلك للولايات المتحدة الأمريكية واستراتيجيتها الأمنية والعسكرية في المنطقة وفي العالم بأسره. وكل تلك هي أشياء توضح الكيفية المختلة التي يفكر بها الرئيس الأمريكي بعقلية التاجر ورجل الأعمال والمحاسب والملياردير الذي ظل يحكم امبراطورية مالية كبرى بناها من خلال حسابات مالية تفصيلية دقيقة محكومة بمنطق حسابات الربح والخسارة المالية، لا بمنطق السياسة والدبلوماسية العالمية وتعقيداتها وتشابكاتها، ولا كسياسي عالمي ومفكر استراتيجي وخبير في الشئون الدولية والدبلوماسية كما يجب أن يكون عليه رئيس أكبر دولة ظلت تقود العالم طوال القرن الأخير.


كذلك كان الرئيس الكوري الجنوبي مون هو رئيس مختلف نوعا ما عن أكثر الرؤساء الكوريين السابقين عدا واحد أو اثنين، فهو أول رئيس لبرالي ويساري التوجهات يأتي بعد عشرة أعوام من الحكم اليميني المحافظ، وهو، على خلاف ترمب، شخصية عصامية وسليل أسرة فقيرة، لاجئة من كوريا الشمالية، بنى نفسه بالكد والكدح وتمكن من قهر كل التحديات وتسلق السلالم الصعبة والوعرة حتى اعتلى أعلى القم وتولى منصب الرئاسة في كوريا ، وهي يحمل رؤية مختلفة واستراتيجية وطرح جديد للطريقة التي يمكن من خلالها التعامل والتعاطي الإيجابي مع كوريا الشمالية، أو التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية وحساباتها كقوة عظمي في المنطقة.

لكل ذلك توقع الكثيرون قمة صعبة ووعرة المسالك بين البلدين المؤتلفين والرئيسين المختلفين خاصة وإن برنامج الزيارة والقمة تضمن العديد من الموضوعات المتنوعة والخاصة بكوريا الشمالية وبرامجها النووية والصاروخية وما تقوم به من تهديدات وتحرشات ومغامرات والسياسة والوسائل العملية والفاعلة التي يمكن للبلدين الاتفاق حولها للتعامل مع تلك البرامج والممارسات، غير أن القمة جاءت مخالفة لتلك التوقعات أكد خلالها الرئيسان حرصهما على استمرار قيام علاقة تحالف وثيق بين الدولتين الحليفتين وعلى وقوفهما سويا أمام أي تهديدات كورية شمالية نووية وصاروخية ، وأشارا في مؤتمرهما الصحفي المشترك الذي عقداه بعد القمة إلى ضرورة اعتماد كل من العقوبات والحوار بطريقة شاملة ومتدرجة كوسيلتين متزامنتين للتعامل مع المشكلة الكورية الشمالية وتعهدا بالعمل من أجل حل نهائي وشامل لها. كان واضحا إن القمة تفادت التطرق بشكل مباشر إلى أي قضايا مختلف عليها والتركيز على جعلها فرصة لقيام علاقة شخصية وتعارف أوثق بين الرئيسين ومد جسور الثقة بينهما . هكذا انتهت القمة، التي تابعها الكثيرون وهم يتوقعون الكثير من الخلافات والاختلافات، بغير قليل من التوافق، ويمكن القول إن الرئيسين اجتازا بنجاح الاختبار الأول وتمكنا من التوصل لمنطقة وسطى، لكن ذلك لا يعني بالطبع نهاية الاختلاف في الرؤى والأفكار والتصورات، ولهذا سيظل ذلك السؤال الأبدي باقيا ومطروحا، وهو، ثم ماذا بعد؟؟

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;