الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

عصر بيونغ تيك :

2017-08-01

سيول بانوراما

عصر بيونغ تيك :
الوجود الأمريكي في كوريا الجنوبية والذي تجاوز الآن الستين من عمره، بدأ منذ أيام قليلة عصرا وعهدا جديدا من عمره، بالانتقال من مقره القديم في بوسان وفي وسط العاصمة الكورية الجنوبية سيول، إلى معسكر جديد وإقليم آخر وهو معسكر همشري في بيونغتيك في إقليم جيونغجي في خطوة اعتبرها الكثيرون تاريخية بالكثير من الاعتبارات العسكرية والسياسية والاجتماعية. فأغلب الكوريين، على اختلاف توجهاتهم السياسية، مجمعون على أهمية الوجود الأمريكي في كوريا الجنوبية، ومقتنعون بأنه ساهم ومهّد الطريق لكوريا لتحقيق معجزتها الاقتصادية على نهر الهان على النحو الذي تم ، بسبب أن كوريا ظلت دوما عرضة لتهديد وخطر النظام الكوري الشمالي وتحرشاته واستفزازاته ومغامراته الدائمة، وقناعاته بأن توحيد كوريا بالقوة والجبروت وتحت سيطرته ورؤاه السياسية هو شيء يفوق في أولويته وأهميته كل ما عداه من ضرورة لإطعام شعبها الجائع الفقير أو حل ما تعانيه البلاد من ضوائق اقتصادية وما تحتاج لتنمية، وكل ذلك تحت دعم قوى عالمية كبرى من سوفيتية وصينية وروسية. والوجود الأمريكي العسكري في كوريا ظل دوما وجودا قويا وفاعلا، ومنضبط عسكريا لكنه منفلت اجتماعيا، بسبب طبيعة ذلك الوجود الذي يتكون أفراده من عشرات الألوف من الجنود وجلهم من الشباب الصغير السن وما يتصف به الشباب من طِيش وانفلات ورعونة خاصة عند وجوده في منطقة مليئة بعلب الليل والمواخير والحانات وصالات الرقص والديسكو التي تصبح منطقة جذب لفتيات الليل والهوى والقوادين وكل ما يقود إلى مصادمات ويسهم في خلق تيارات شعبية معادية ورافضة لذلك الوجود، ويصبح، كما حدث كثيرا، أي حادث عابر ، أو تصرف شخصي أو سلوكي خارج عن اللياقة والأخلاق مدعاة لمشكلات ومواجهات كبيرة، لذلك رأي الكثيرون من أهل الرأي والحكمة من الجانبين، وحرصا على سلامة التحالف الأمني والاستراتيجي المهم للبلدين، نقل ذلك الوجود ، إلى منطقة خارج ذلك المحيط، وهو ما تم بعد مفاوضات استمرت عدة سنوات. عملية انتقال الوجود الأمريكي المرابط في كوريا منذ اندلاع الحرب الكورية في الفترة 50-195 والذي ظل يعرف رسميا باسم الجيش الأمريكي الثامن " إيوسا"، تم من منطقة ضيقة ومزدحمة و تضج بالحركة الدائبة في قلب العاصمة، إلى منطقة أخرى هادئة وآمنة وملائمة لوجود استراتيجي عسكري منضبط داخل قاعدة عسكرية ضخمة يبلغ حجمها ثلاث أضعاف القاعدة القديمة ومجهزة بأحدث الوسائل التقنية والإلكترونية المختلفة وجميع المنشآت اللازمة مما جعل منها أكبر حامية عسكرية أمريكية خارج الولايات المتحدة. القاعدة الجديدة ستكون عبارة عن مركز حضري صغير شبه مقتصر على الحامية العسكرية الأمريكية، ويحتوي على كل الأشياء المطلوبة لمدينة عصرية حديثة من مرافق ومنشآت وتسهيلات ووحدات لتوفير حياة سهلة وطيبة وآمنة لأفراد الحامية وأسرهم. وبعد أكثر من عشر سنوات متتالية من الشروع في عملية بناء وتأهيل وتجهيز الموقع العسكري الجديد بدأ تنفيذ عملية الانتقال منذ إبريل من هذا العام من خلال نقل صرح وتمثال الجنرال "والتن ووكر " وهو أول قائد للقوات الأمريكية المرابطة في كوريا، وكان قد تسلم قيادة القوات الأمريكية والدولية وهي موشكة على الهزيمة في الحرب الصعبة التي كانت تخوضها ضد القوات الكورية الشمالية المدعومة صينيا وسوفيتيا، إلا أنه بما له من مهارة وقدرة نادرة على التخطيط والقيادة والرؤية نجح بشكل بارع في تحويل الهزيمة التي كانت ماثلة إلى نصر مؤزر ومؤكد وهو ما جعل منه بطل الحرب الكورية بلا منازع وصارا اسمه أهزوجة ورمزا للنصر . ومن سخرية الأقدار إن ذلك البطل المغوار الذي نجح في قهر العدو وهزيمته في مختلف المعارك الصعبة مات بعدها بأيام قصيرة بسبب حادث حركة بسيط وعابر.
السواد الأعظم من الكوريين الجنوبيين موقنون بأن الوجود الأمريكي في أرضهم ليس مجرد وجود يخدم الاستراتيجية الأمريكية في هذه المنطقة الهامة، بل هو وجود لولاه لما حلمت كوريا الجنوبية بأن تصل لما وصلت له من تطور، لكن ذلك الوجود بشكله السابق، كان وجودا محفوفا بالمخاطر من احتمالات أن يؤدي أ حادث أو خطأ عابر غير مقصود لما لا تُحمد عقباه، وهو الشيء المأمول أن يعالجه التطور الجديد الذي يطلق عليه الحادبون على استمرار التحالف الكوري الجنوبي بخطى ثابتة وراسخة ودون وقوع ما يعكّر صفاه، اسم عصر بيونغتيك The Pyeongtaek Era .

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;