الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

أحزان العيد

2017-08-29

سيول بانوراما

أحزان العيد
يهل على المسلمين المقيمين في كوريا خلال بضعة أيام قليلة عيد الأضحى المبارك، أعاده ألله علينا وعلى الجميع في مشارق الأرض ومغاربها بالخير واليمن والسعد والبركات ، والأعياد عادة ما تكون مناسبات للفرح والابتهاج والتلاقي الأسري والتجمع العائلي والتنزه والترويح عن النفس، والأعياد الإسلامية هي ، أو يفترض فيها أن تكون، مناسبات فرح وابتهاج لأنها مرتبطة بانتهاء مناسبات روحية عظيمة، فالعيد الأصغر هو عيد الفطر المبارك، الذي يعقب انتهاء شهر رمضان المكرم شهر الصوم الذي هو ركن من أركان السلام وشهر التوبة والغفران العتق من النار، والعيد الأكبر هو عيد الأضحى الذي يلي انتهاء الحج لبيت ألله الحرام الذي هو خامس أركان الإسلام.

وقد ظلت الأعياد دوما مادة خصبة للشعراء منذ صدر الإسلام إلى يومنا هذا، وتفاوت إحساسهم بها قوة وضعفاً، عبادة وعادة، وأخذ هذا الاهتمام مظاهر عديدة، كثيرا ما تكون متماثلة أو متشابه، وأحيانا تختلف مع اختلاف الظروف والأحداث التي قد تمر بالشاعر خاصة أو تمر بالأمة الإسلامية عامة، فعندما كانت الأمة الإسلامية في قمة مجدها وعظمتها كانت القصائد المستوحاة من مناسبات العيد تعبّر عن فخر الأمة بتراثها وأمجادها وإنجازاتها وكل ما يدعو للفرح والاعتداد، لكن بدء مظاهر الضعف والوهن والاضمحلال والخلافات والنزاعات التي بدأت تسود الأمة الإسلامية، دفع الكثيرين من المسلمين للهجرة والاغتراب عن بلدانهم الإسلامية وبدأ الإحساس بالحزن والشجن والفراق والبعاد وافتقاد الأهل والديار والحنين للوطن والأحباب هو ما يطغى على القصائد والأشعار التي ارتبطت بالمناسبات والأعياد حتى صارت بالنسبة للكثيرين هي مناسبات للنواح والبكاء والحزن حتى صار الآن هناك موروث شعري يرى الأعياد والمواسم مناسبات للتعبير عن ما في النفس من أحزان وأشجان وغربة واغتراب ، وهنالك العديد من القصائد الشهيرة التي تعبر عن ذلك ربما أشهرها قصيدة أبي الطيب المتنبي أشعر شعراء العرب التي قال فيها :
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ** بمَا مَضَى أمْ لأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّـا الأحِبـة فالبيـداءُ دونَـهــم ** فليـت دونـك بيـداً دونهـا بيـدُ
لم يترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي ** شَيْئا تُتَيّمُه عَين وَلا جِيدُ
يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما ** أمْ في كُؤوسِكُمَا هم وَتَسهيدُ
أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني ** هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ
.
ومنها قصيدة الشاعر المغربي المعتمد بن عباد حاكم قرطبة التي قالها يوم العيد وهو يخاطب نفسه ويتحسر على ما مضى من أيام جميلة:

فيما مضى كنتَ بالأعيادِ مسرورا ** وكان عيدُك باللّذات معمورا
وكنت تحسب أن العيدَ مسعدةٌ ** فساءك العيدُ في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمارِ جائعةً ** في لبسهنّ رأيت الفقرَ مسطورا
معاشهنّ بعيدِ العــزّ ممتهنٌ ** يغـزلن للناس لا يملكن قطميرا
أفطرت في العيد لا عادت إساءتُه ** ولست يا عيدُ مني اليوم معذورا
وكنت تحسب أن الفطر مُبتَهَـجٌ ** فعاد فطرك للأكبــاد تفطيرا.
وأما الشاعر الدكتور عبد الرحمن العشماوي فيقول في قصيدته (عندما يحزن العيد) معبرا عن حزنه لما آل إليه حال الأمة الإسلامية:
أقبلت يا عيد والأحزانٌ نائمـةُ ** على فراشي وطرف الشوق سهران
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي** قلوبنا من صنوف الهمِّ ألـــوان؟
من أين نفرح والأحداث عاصفةُ ** وللدُّمى مـقـلُ ترنـو وآذان؟:
من أين والمسجد الأقصى محطمة ** آمالـه وفؤاد القـدس ولهـان؟
من أين نفرح يا عيد الجراح وفي ** دروبنا جدر قامـت وكثبان؟

ويأتي العيد هذا العام وحال الأمة الإسلامية بكل أسف حال يدعو للأسف والحزن وهي أمه ممزقة مشتتة ومختلفة متنافرة. ونحن لا نملك إلا أن نرفع أيدينا خلال مناسبة هذا العيد بالدعاء بأن يشمل رب العباد الأمة الإسلامية برحمته وأن يعم الأمن والسلام كوريا و كل بلاد العالم وكل عام والجميع بخير وأن يجعله عيد يمن وسعد وبركة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;