الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

عودة الوحوش :

2017-09-19

سيول بانوراما

عودة الوحوش :
حتى قبل نحو مائة عام خلت، كان العالم ، كل العالم، مليئا بالأدغال والغابات الغنية بالحيوانات المتوحشة على اختلاف أنواعها في جميع القارات، وفي مختلف البيئات والمناخات، من أسود ونمور وفهود وشيتا وغيرها من القطط المتوحشة، وثعالب وذئاب وضباع ودببة ومختلف أنواع الكلاب البرية، وغير ذلك من وحوش. وكانت الأسود بالذات تتركز وتعيش في العديد من البلدان الأفريقية، بينما كانت مواطن أشهر النمور والفهود تتركز في مناطق آسيوية متنوعة، منها منطقة شمال شرق آسيا بشكل عام بما فيها شبه الجزيرة الكورية، حيث كنت تنتشر خاصة في المناطق الجبلية القصية، وفي مناطق متاخمة للمدن والقرى مما كان يشكل خطرا كبيرا للعديد من الأهالي والمواطنين الذين يسكنون في المناطق المحيطة. كانت النمور الآسيوية بالذات تتميز بالكثير من الصفات المتميزة من ناحية شكل يتسم بالقوة والرشاقة والسرعة والقدرات الوثابة، وهو ما دفع العالم لإطلاق اسم النمور الآسيوية على البلدان الآسيوية التي حققت بسرعة غير عادية طفرات تنموية ونهضوية مدهشة وسريعة ومن بينها كوريا الجنوبية التي تطورت بشكل سريع وحققت طفرات تنموية هائلة فيما صار وقتها بعرف باسم المعجزة الاقتصادية على نهر الهان.

لكن مع تطور العالم، وانتشار حركة التصنيع والعمران والتنمية والحضارة بدأت المواطن والبيئات الخاصة بمثل هذه الحيوانات المتوحشة في التناقص والتقلص والتدهور، مما انعكس في تناقص كبير ومستمر في أعداد هذه الحيوانات حتى بدأ بعضها في التعرض للاندثار والانقراض، خاصة النمور والفهود التي تناقصت أعدادها بشكل مخيف في شبه الجزيرة الكورية خاصة خلال الأعوام السبعين الأولى من القرن العشرين، حيث لم تعد تٌشاهد إلا في مناطق قليلة وبشكل نادر.

وهذا التناقص المريع في أعداد النمور والفهود في هذه المنطقة من العالم دفع البعض ممن يحرصون على سلامة البيئة والحفاظ على الطبيعة في البحث عن إمكانيات القيام بمحاولات لمنع انقراض هذه الحيوانات النبيلة والعظيمة وبذل كل المساعي الممكنة لخلق بيئة وظروف مناسبة للمحافظة على القلة القليلة المتبقية منها وتساعد على تكاثرها وانقاذها من الانقراض الكامل ، وذلك عبر منظمات وجمعيات عالمية ومتخصصة متنوعة نذرت نفسها لذلك الغرض، ومن بينها منظمة مقرها لندن وهي منظمة فهود الشرق الأقصى Far eastern Leopards وهي منظمة غير ربحية أنشئت بهدف رئيسي هو خلق البيئة المناسبة للفهود الآسيوية التي تعرف باسم آمور Amur Leopards والتي ما تزال بضع مئات وربما عشرات منها فقط تعيش في مناطق في الشرق الروسي. ستركز المنظمة التي تضم العديد من الخبراء والمتخصصين جهودها في المرحلة الحالية على منطق الشرق الروسي الأقصى حيث ما تزال بعض المناطق فيه تصلح لأن تكون بيئة مناسبة لاستصلاح وخلق محميات ومستوطنات وحدائق بيئية وغابات طبيعية تصلح لحياة مثل تلك الفهود حتى تتكاثر وتبدأ في الهجرة جنوبا لتصل لكوريا الشمالية ومن ثم إلى كوريا الجنوبية. ورغم إن مثل ذلك الأمر لا يبدو سهلا ميسورا، إلا أن الجهات المختصة في كوريا الجنوبية مصممة على القيام بكل ما يمكن أن يسهم في تحقيقه.

شبه الجزيرة الكورية كانت، إبان تخلفها وحياتها البدائية السائدة، من بين المناطق التي تشكل وتوفر بيئة وموطنا مناسبا للفهود والنمور بالذات، ولكنها عندما بدأت في انطلاقتها التنموية الصناعية الكبرى تركزت أولياتها على ذلك الهدف، الذي شمل فيما شمل إزالة غابات وأدغال، وردم أنهار، وتشييد مدن وعمارات سكنية جديدة، في إطار تلك الأولويات التي تتسق مع سياسة للضرورة أحكام، وتم ذلك للأسف على حساب الجوانب الطبيعية والبيئية. وبعد أن نجحت كوريا في تحقيق الهدف التنموي المنشود، حتى صارت ماردا صناعيا وتقنيا أطلق عليه العالم اسم النمر الآسيوي، وضعت نصب أعينها هدفا جديدا، وهو استعادة ما فقدت من ثروات طبيعية وبيئية، وربط التطور التنموي بالإصحاح البيئي والنمو الأخضر والمحافظة على الطبيعة، ومن هنا بدأ سعيها الجديد لتهيئة الظروف اللازمة لعودة النمور والفهود المفقودة ، من خلال سياسة جادة لتحقيق كل ما يسهم ويساعد في عودة تلك الوحوش.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;