الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الزلزلة:

2017-11-28

سيول بانوراما

الزلزلة:
ربما تكون الهزة الأرضية التي ضربت كوريا خلال الأيام القليلة الماضية هي حدث لا يستوجب أي اهتمام عالمي كبير إذا أخذنا في الاعتبار أو نظرنا للأمر بما كان له من خسائر أو تسبب فيه من دمار أو إذا ما قورن بغيره من الزلازل التي شهدها العالم في العديد من المناطق وعلى مر الأزمان. قوة الهزة الأرضية التي اجتاحت مدينة بوهان في جنوب شرق سيول بمقياس ريختر كانت لا تتعدى 5.4 درجة وهي بذلك تعتبر من الهزات الصغيرة التي لا تثير كبير اهتمام، لكن ما سببته من ارتدادات زلزالية محسوسة ومسموعة في الكثير من المناطق الكورية البعيدة نسبيا من موقع الهزة سببت غير قليل من الزعر والخوف لدرجة تأجيل الامتحان القومي لدخول الجامعات في كوريا وهو من المناسبات التي تعتبر الأكبر في كوريا والتي تمثل مثار ومركز اهتمام كل قطاعات المجتمع الكوري بأسره ، وهي المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك، منذ بدء هذا الامتحان القومي .
الخوف والتوجس الذي صحب هذه الهزة الأرضية الصغيرة بالمقاييس العالمية السائدة يعود لسببين. السبب الأول هو إن كوريا ما عادت دولة بمنأى عن الآثار الزلزالية الخطيرة كما كان يعتقد الكثيرون، والسبب الثاني هو أن كوريا لم تتحسب أو تعد العدة اللازمة لمواجهة مثل تلك الكوارث المحتملة والتي قد تسبب خسائر فادحة، رغم أن هذه الهزة هي الثانية التي تشهدها كوريا خلال 14 شهرا فقط بعد تلك التي وقعت بمقياس 5.8 درجة في مدينة جيونغجو العاصمة القديمة لمملكة شيللا والتي تحتوي على الكثير من الآثار والتحف والموروثات التاريخية. يُحمد للجهات الكورية المختصة في مثل هذا النوع من الكوارث نجاحها في إطلاق رسائل إنذار وتحذير بالسرعة للازمة خلال أقل من عشرين ثانية من وقوع الهزة مما ساعد الكثيرين على اتخاذ إجراءات ووسائل الحماية المختلفة مما يتوقع أن يكون قد قلّل كثيرا من حجم الخسائر المحتملة. لكن فيما عدا ذلك فلا يمكن إعفاء العديد من الجهات الأخرى ذات الصلة المباشرة بمثل هذه الكوارث من الاتهامات بأن درجة تفاعلها وتجاوبها واستعدادها مع ولما حدث كانت أقل كثيرا من المتوقع والمطلوب حسب التقارير والإحصائيات التي توصلت لها الجهات الرسمية المختصة، حيث تبين أن أكثر من 60% من المباني الحكومية، وحوالي 80% من المباني والمؤسسات الأهلية والخاصة، لا تتمتع بالتجهيزات اللازمة لمكافحة الزلازل والهزات الأرضية من تصاميم معدة لتقليل آثار الصدمات الزلزالية ، كما هو الحال في اليابان القريبة مثلا والتي ساعدت البلاد في الصمود لحد كبير أماما العديد من الزلازل الخطرة التي تولت على البد في عد سنوات مثل ذلك التسانومي الذي ضرب البلاد قبل بضعة سنوات.
الهزة الأرضية الأخيرة التي اثارت الكثير من الخوف والتوجس ربما كانت صفارة إنذار هامة لكوريا للتعامل مع الأمر بمسئولية أكبر وتحسب وتوقع حقيقي على خلاف ما كان يعتقد الكثيرون في السابق من أن كوريا دولة خارج حزام الزلازل وبعيدا عن دائرة الخطر المباشر للهزات الأرضية الكبرى مما يستوجب رفع وتيرة الاستعداد والبدء دون تأخير في الشروع في وضع التجهيزات الكاملة لجميع المباني وتشييد الملاجئ والملاذات الآمنة وتوعية المواطنين وتدريبهم على الطرق العملية المثلى للتحوط ضد الزلازل وتربية الكوادر المؤهلة في كافة المجالات العلمية والمعلوماتية الخاصة بالزلازل وسبل الاستعداد لها.
الهزة الأخيرة ربما جاءت من باب الضارة النافعة، وربما كانت رسالة ربانية تحث الجهات المسئولة على أخذ كل إجراءات الحيطة والاهتمام والاستعداد قبل أن وقوع كارثة، فالزلازل والهزات الأرضية والبراكين التي حدثت على مر التاريخ القديم والحديث تسببت في دمار كبير لمناطق ومعالم معمارية متطورة وحضارات بشرية كبرى. وما توصلت له بلدان كبرى من تنمية عمرانية مدهشة عرضة لأن يتحول خلال بضعة دقائق إلى مجرد كومة تراب في حالة حدوث زلزال قوي ما لم يتم التحسب والاستعداد للأمر، على أسس علمية مدروسة، وصدق من قال: إذا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا(4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;