الدب القطبي حيوان مفترس وشرس اشتهر بالقوة الجسدية والقدرة على احتمال الأجواء الثلجية الشديدة البرودة، وهو أكبر الحيوانات البرية آكلة اللحوم بما فيها الأسود والنمور والفهود، حيث يمكن أن يصل وزن الدب إلى ما يقارب ألف كيلوجرام. ورغم شراسته وقوته البدنية الخارقة فقد اشتهرت الدببة بالجمال الشديد وبفرائها الفضية الشفافة، فتواجد الدب القطبي على الثلوج البيضاء يجعل اللون الأبيض يتخلل فرائه مما يجعله يبدو أبيض اللون، رغم إنه حيوان متعدد الألوان من أصفر وبني ورمادي حسب ظروف الإضاءة وفصول السنة.
وروسيا على مر عهدوها التاريخية من إمبراطورية وقيصرية واتحادية سوفيتية وشيوعية وجمهورية فردية ظلت دوما رقما وقطبا عالميا مهما ومؤثرا في السياسة الدولية. وبسبب طبيعتها المناخية القاسية في فصل الشتاء في العديد من مناطقها الواقعة على القطب الشمالي مثل سيبيريا فقد ظلت دوما رمزا لقوة التحمل والصبر على الشدائد، وهو ما دفع الكثيرين في العالم لإطلاق لقب الدب الروسي على روسيا. كل تلك الأشياء ساعدت روسيا على أن تصبح قوة رياضية ضاربة في مجال الألعاب الأولمبية بشكل عام والشتوية والثلجية منها على وجه التحديد حيث ظلت فرقها ولاعبوها هم من بين الأشهر والأمهر على المستوى العالمي العربي، والذين اعتادوا على حصد أكثر وأهم الجوائز والألقاب والميداليات الذهبية في مختلف المناسبات والفعاليات الرياضية الشتوية وعلى رأسها بالتحديد دورات الألعاب الأولمبية الشتوية وآخرها الدورة المحدد تنظيمها في بيونشانغ في كوريا الجنوبية في فبراير القادم والتي ظلت كوريا طوال الأشهر الأخيرة منشغلة في التحضير والإعداد لها على قدم وساق وتخطط لأن تكون الأفضل والأجمل والأعظم في تاريخ مثل تلك الدورات منذ بدئها .
ومع بدء العد التنازلي لموعد انعقاد دورة بيونغشانغ جاءت الرياح والأعاصير الثلجية القاسية بما لا تشتهيه سفن بيونغشانغ وسفن كوريا الجنوبية الدولة المنظمة لأولمبياد بيونغ شانغ، إثر قرار اللجنة الأولمبية الدولية بحرمان روسيا كدولة من المشاركة في الأولمبياد الشتوي القادم في بيونغشانغ ، بعد إدانة الجهات الرسمية الروسية المختصة بالتورط في فضيحة استعمال الرياضيين واللاعبين الروس المتنافسين لمنشطات ومقويات ساعدتهم في انتزاع ميداليات ذهبية وتحقيق أرقام عالمية قياسية وجديدة. تم اتخاذ القرار على ضوء تقارير وتحقيق وتحريات واسعة واستقصاء شامل ومتخصص قامت به جهات فنية متخصصة توصلت إلى تلك الخلاصة. وقع ذلك النبأ على الجهات الكورية المستغرقة في الإعداد الجاد والهائل للدورة وقع الصاعقة إذ أن حرمان روسيا من المشاركة سيكون له تأثير سلبي كبير على ما تعوّل له اللجنة المنظمة وما تتوقعه من نجاح، إذ أن غياب الفريق الروسي، الذي يعتبر أحد أبرز الفرق التي تشارك في الأولمبياد الشتوي سيفقد الدورة الكثير من بريق المنافسة المتوقعة، والتي عادة ما تنحصر بشكل رئيسي في بضعة فرق على رأسها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا.
قرار العقوبة الذي صدر يمنع مشاركة روسيا كفريق وإن كان لا يمنع مشاركة اللاعبين الروس كأفراد وبشكل محايد وتحت شعار واسم اللجنة الأولمبية الدولية وليس الروسية، لكن أغلب الظن إن روسيا كدولة واللجنة الأولمبية الروسية كلجنة عالمية كبرى ربما لن تسمح لرياضييها ولاعبيها بالمشاركة الفردية، وهو ما قد يجعل من الدورة التي خططت وعكفت كوريا بهمة ونشاط للتحضير لها بشكل مبهر لم يسبق له مثيل، ما قد يجعل منها دورة باهتة، مفتقرة لذلك الحماس والإثارة الذي يحدث عادة بين لاعبين وفرق عرفت بمقدراتها التنافسية العالية. وعدم مشاركة اللاعبين والمتنافسين الروس سينعكس في خسائر مالية كبيرة نتيجة أن الجمهور المتوقع للحضور للمشاهدة من كل أنحاء العالم سينحسر بشكل كبير، بجانب انخفاض التعاقدات وبالتالي الإعلانات والدعاية التلفزيونية وسيحرم المشاهدين والجمهور الكوري من الاستمتاع بعروض العديد من اللاعبين من ذوي الأسماء الشهيرة والمعروفة بمهارتها ومواهبها وقدراتها الفنية العالية مثل البطل الروسي ذي الأصل الكوري آهن هيون سو والبطلة المراهقة الراقصة على الجليد إيفجينيا ميدفيدديف وغيرهم.
قرار اللجنة الأولمبية الدولية عقابا لمسلك اللجنة الأولمبية الروسية والذي وصفه رئيس اللجنة الدولية بالمخزي والذي يمثل استخفافا بروح وقيم ومُثل ومبادئ الرياضة هو قرار سيكون خصما كبيرا على النجاح الهائل الذي تتطلع له كوريا، والأمل الوحيد، الذي ربما قد يخفف وطء الوقع الثقيل للقرار هو سماح روسيا لرياضييها بالمشاركة الفردية، فتنظيم الدورة دون مشاركة الدب الروسي، سيكون له تأثير ضار ليس فقط على دورة بيونغشانغ، وإنما على صورة ومستقبل الأولمبياد الشتوي، وسمعة الدب الروسي نفسه الذي يعتبر أحد أقوى وأشرس أبطال هذا الأولمبياد.