الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

الشوارع الشهية:

2018-03-27

سيول بانوراما

الشوارع الشهية:
الحياة الاجتماعية تسير في كوريا بصورة متسارعة وحافلة بالمتغيرات وبشكل ملحوظ ويبدو متزامنا ومتسقا مع المتغيرات الاقتصادية والصناعية والتكنولوجية والإلكترونية حتى أن الحياة اليومية الروتينية على النمط التقليدي القديم الذي ظل سائدا لسنوات طويلة تكاد أن تنمحي تماما في بعض جوانبها رغم اعتزاز كوريا بتراثها وتقاليدها وحرصها على المحافظة على ذلك الموروث التراثي القديم. من الأشياء التي يبدو أنها تغيرات كثيرا الروتين الحياتي اليومي والثقافة الغذائية الجديدة. فمع تمسك الكوريين بثقافتهم الغذائية التقليدية، وسعيهم لتدويل وترويج الغذاء الكوري على مستوى عالمي، وحفاظهم على نوعية الوجبات والمأكولات التي تتصدر المائدة الكورية، وطريقة تقديم تلك الوجبات إلا أن التغيير يظل ملحوظا في أن البيت الكوري لم يعد كما كان في السابق هو المكان الطبيعي لطهي الوجبات اليومية وتناولها، حيث لم يعد ذلك من الممارسات والأشياء المعمول بها داخل المنزل. لم يعد هناك الآن وجود يذكر لكل ذلك ، ولم تعد رائحة الطهي والشواء تنتشر من داخل أكثر البيوت الكورية كما كان الحال في الماضي. أغلب أفراد الشعب الكوري، على الأقل في العاصمة سيول وبقية المدن الكبرى، ما عادوا يتناولون وجباتهم اليومية داخل منازلهم وإنما في الخارج وفي المطاعم والأماكن المخصصة لتناول الطعام في الخارج والتي صارت تتكاثر بشكل ملحوظ، حتى صار من العادي جدا ملاحظة وجود عشرات المطاعم المتنوعة في أي شارع رئيسي في الضواحي والحواري والأحياء الكورية والتي عادة ما تكتظ بالزبائن بعد انتهاء دوام العمل في السادسة مساء حيث تكون منتديات للقاءات بين الأصدقاء وزملاء العمل وأفراد الشلة والأحباء من أجل قضاء امسيات وليالي أنس وسمر. كل هؤلاء عادة ما يتناولون وجبة الغداء في المطاعم الخاصة القريبة من أماكن العمل ثم يلتقون في الأماسي في السهرات التي عادة ما تبدأ مباشرة بعد انتهاء يوم العمل. حتى كبار السن الذين يبقون داخل المنازل فهم في العادة ما يطلبون وجباتهم عن طريق التلفون ليتم احضارهم لهم عبر ما صار يعرف باسم ال Delivery .صار من العادي أن ترى بعض المطاعم خلال موعد الغداء وهي خاوية على عروشها غير أن رنين التلفون لا يتوقف وأمام كل مطعم بضع دراجات بخارية تحمل طلبات الطعام من المطعم إلى مختلف المنازل القريبة في المنطقة المجاورة. وبجانب العدد الكبير من تلك المطاعم المنتظمة المتنوعة فمن العتاد أن ترى في كل شارع العديد من الأكشاك والطبالي وعربات البيع المتجولة والاستراحات الخارجية التي تبيع مختلف أنواع الطعام الخفيف والسريع على مدار ساعات اليوم.
ومن الأشياء التي بدأت تلفت أنظار بعض الأجانب مؤخرا انتشار تلك المركبات الواسعة والمتنوعة التصميم والشبيهة بالخيام الملوَنة والسرادقات الأنيقة والاستراحات المضيئة المتوهجة والتي كثيرا ما تصطف فوق بعض الساحات والشوارع الرئيسية والمطروقة وتمتلئ بالحركة والنشاط خاصة في الأمسيات وحتى ما بعد منتصف الليل وإلى الفجر أحيانا وهي مزدحمة ومملوءة بالزبائن والرواد . تعرف هذه المركبات والتي هي عبارة عن مطاعم متحركة وحانات سيارة تبيع ما لذّ وطاب من المأكولات من مشويات وأطباق تقليدية وحديثة والمشروبات المتنوعة من كحولية وغير كحولية، تعرف في اللغة الكورية باسم Pojangmacha وهي في واقع الأمر عبارة عن تطوير وتحديث لممارسات كورية شعبية قديمة عندما كان يقوم بعض الباعة المتجولون بدفع عربات خشبية لبيع مأكولات ومشروبات مصنوعة منزليا ويتجمع حولها بعض الأصدقاء كحانات ومجالس أنس وسمر. صار يتم تجهيز وتصميم وفرش الكثير من تلك المركبات والحانات السيارة بما يجعل منها أشياء أقرب للقصور الفاخرة والمجالس الباذخة ويصوّرها بشكل أقرب لليالي ألف ليلة وليلة حتى غدت أماكن مطروقة ومأهولة ومسلية وجذابة وملجأ وملاذ للكثيرين ممن يودون قضاء وقت ليلي طيب خاصة في الأمسيات الربيعية والصيفية التي يحتاج فيها البعض لسهرات يجدون فيها ما لذّ وطاب من المأكولات والمشروبات مع كافة أشكال الترفيه داخل تلك المركبات من موسيقى وغناء ورقص وعروض سينمائية وبرامج حية ومتنوعة أحيانا وكل ذلك مع تجوالٍ مسلٍ وتنزهٍ ممتع في طرق شهية وشوارع لذيذة .

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;