قصة اليوم تحكي لنا سبب قفز العصفورة المستمر وعدم قدرتها علي التوقف في مكان ثابت علي الأرض ، و ايضا تحكي لنا سبب فرك الذبابة المستمر ليديها الأماميتين.

كان يا ما كان في قديم الزمان عصفورة صغيرة تلعب و تقفز هنا و هناك . تلقط حبات الأرز و تأكلها كما تأكل الحشرات الصغيرة في الحقل. وحدث أنها رأت ذبابة صغيرة جدا تطن و تزن و تدور حولها هنا وهناك. شعرت العصفورة بالانزعاج من هذه المخلوقة المزعجة. حاولت العصفورة أن تمسك بالذبابة لكنها كانت تطير وتهرب منها بسرعة و خفة و كأنها تعرف الوقت المناسب الذي تقفز فيه عندما تحاول العصفورة أن تنقض عليها . حدث هذا الموقف المرة بعد الأخرى و لكن العصفورة لم تيأس و أخذت تحاول حتى نجحت في الامساك بالذباب بعد وقت وعناء طويل و بعد أن ملكها الغضب. أمسكت بالذبابة بين أصابعها و قالت " انت ايتها المخلوقة المزعجة ! يمكنني ان أسحقك الآن أو آكلك في مرة واحدة !"

ردت الذبابة علي الفور بكل تعنف و هي ثائرة و تقول " أنا حشرة صغيرة بريئة لم آذ أحدا و لم أفعل لك أي ضرر . لماذا لا تتركني و شأني ؟ لماذا تضايقني و تجور علي؟ " ضحكت العصفورة ساخرة من الذبابة و قالت " بريئة ؟ هل تظنين حقا أنك بريئة ؟ ألا تدركين ما تفعلين ، أنت دائما تضايقين الناس بزنك و طنك المستمر ، ليس هذا فقط ، بل تمشي بأقدامك العارية علي القاذورات و القمامة فتتلوث ثم تمشي علي طعام الناس و ملابسهم فتسببين لهم الأمراض المختلفة، بحق السماء ، كيف تظنين أنك بريئة ؟ " ردت الذبابة مدافعة عن نفسها بكل قوة و حماس و قالت " انظري إلى نفسك أيها العصفورة ، ماذا تفعلين أنت للناس ؟ أي خير تقدمين ؟ ألا تسرقين الأرز من الحقول ؟ " شعرت العصفورة بالخجل واحمر وجهها و لكنها لم تسكت و قالت " لا ! أنا لا أسرق الأرز ، أنا فقط أتأكد إن كان قد نضج أم لا . " سمعت الذبابة كلام العصفورة فردت و قالت " اذا كان هذا حقا ، فلماذا تخافين من فزاعة الحقل اذن ؟ "

استمر الطرفين في الشجار و العراك تلوم بعضهن الأخرى دون طائل حتي تعبا و قررا أن تذهبا إلي القاضي و هو طائر العقعق المعروف بحكمته و قراراته العادلة الحكيمة و قصتا عليه روايتهن . استمع اليهن العقعق و أنصت حتى فرغتا من الحديث. بدأ العقعق في لوم العصفورة أولا قائلا " أنت أيها العصفورة ضايقت و أزعجت الذبابة الضعيفة و أكلت الأرز الذي تعب أصحابه في زراعته و حصادة لمدة عام كامل من العمل الشاق و لكنك لا تشعرين بأي ندم على ذلك . انت تستحقين العقاب " ثم ضربها بالعصا على أرجلها فأحست بألم شديد و أخذت تقفز و تتأوه من الألم .ومنذ ذلك الوقت وهي تقفز باستمرار ولا تستطيع التوقف.

تلفت العقعق و نظر إلى الذبابة التي كانت ترتجف و ترتعد من الخوف و بدأت في فرك يديها الأماميتين في إشارة لطلب العفو و المغفرة و هي تقول " سامحني أرجوك " شعر العقعق بالعطف علي الذبابة و قال " بشأن مضايقة و ازعاج الناس أنت لا تختلفين كثيرا عن العصفورة ، أما بشأن الطعام فأنت لم تأكلين كثيرا و لا أظنك تسببين أمراضا شديدة الخطورة أيضا. سأعفو عنك هذه المرة . و منذ ذلك اليوم والعصفورة تقفز يمينا و يسارا و لا تستطيع التوقف عن الحركة و الذبابة تفرك يديها الأماميتين باستمرار .