في العصور القديمة كان الملوك يرسلون المفتشون السريون إلى المقاطعات البعيد لفحص ما اذا كان الحكام المحليين يقومون بحكم مقاطعاتهم بالشكل الصحيح ام لا . و في يوم من الأيام عهد إلى أحد المفتشين السريين بهذه المهمة. و بينما كان يمر بأحد القرى شعر بالألم الشديد في ساقيه بسبب المشي المتواصل. فجلس يستريح بجانب بركة صغيرة من الماء.
و بينما كان جالسا رأى رجلا يقترب من البركة و كان يرتدي ملابس الحداد و قبعة من الخيزران عريضة الأطراف. كانت هذه القبعة رمز يلبسه الناعي الذي فقد أحد والدية و كانت تدل على أنه يخجل من النظر عاليا الى السماء بعد أن فقد والديه . و لكن المفتش تعجب و اتسعت عيناه عندما رأى الرجل يخلع القبعة و يغمسها في الماء كي يصطاد بها سمكة. فهو بهذا الفعل يهزأ من العرف والتقاليد.
أراد المفتش أن يعرف ما سر هذا الرجل و لماذا فعل ذلك؟ فاتبعه في خفية حتى وصل الي باب بيته وكان بيتا صغيرا فقيرا. ثم انتظر قليلا و بعد ذلك دق باب البيت ففتح له الرجل الناعي و مازال يلبس القبعة الخيزران و ملابس الحدا ، قال له المفتش أنه عابر سبيل و يريد أن يبيت عنده هذه الليلة . رحب به الناعي و فتح له الغرفة التي سينام فيها و بينما يمر بالبيت رأى المرأة العجوز أم الناعي تجلس مستعده لكي تأكل الارز الطازج ووجد سمكة شهية على المائدة التي أعدها الابن الناعي. فسأل المفتش الابن " كيف تفعل و تصيد السمكة باستخدام القبعة الخيزران ؟ " فاحمر وجه الرجل من الخجل و قال " أريتني؟ أمي مريضة و كان يجب أن أحضر لها الطعام بأى طريقة." فهم المفتش موقف الرجل و قدر وفاءه لأمه العجوز و ابيه الراحل. و عندما رجع إلى الملك سرد له القصة كلها فأمر الملك بمكافأة مالية كبيرة للرجل البار بأمه. و انتشرت القصة و عرف الناس ما حدث.
و في يوم ما من الأيام مر المفتش مرة أخرى ببركة ماء صغير و رأي رجل آخر يلبس ملابس الحداد و عندما اقترب منه غمس الرجل قبعته الخيزران في ماء البركة و اصطاد بها سمكة فتبعه إلى بيته و لكنه وجد الرجل يعيش في بيت كبير اشبه بالقصر .ففعل مثلما فعل مع الرجل الأول. و عندما قدم الرجل السمكة لأمه العجوز. تعجبت الأم و قالت " يا ولدي ماذا حدث لك ؟ هذه أول مرة تطعمني فيها سمك أو أرز لذيذ . هل أنت بخير ؟" فهم المفتش ما يجري و علم ان الرجل يهدف للمكافأة المالية ليس إلا. و في الصباح أبلغ عنه الشرطة فقبضوا عليه و صادروا أمواله .