الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

حكاية جاسوس فوق العادة (2):

2018-04-17

سيول بانوراما

حكاية جاسوس فوق العادة (2):
الطريق إلى عالم الجاسوسية:
تناولنا في الحلقة الماضية حكاية جاسوس فوق العادة وصفه البعض بالجاسوس المتعدد المواهب والقدرات والدرجات العلمية والألسن والأوصاف والأسماء، والذي كان يعرفه الكثيرون كالخبير والبروفسور ذو الأصل العربي "محمد كانسو" . ذكرنا أن تلك الحكاية والتي وصفتها بعض وسائل الاعلام بالأغرب من الخيال بدأت عام 1984 بوصول أجنبي يحمل جواز سفر فلبيني، ويدعي إنه مسلم من أصول لبنانية، ويتحدث العديد من اللغات العالمية الحية بطلاقة ومنها العربية والإنجليزية والكورية والصينية واليابانية، والتحاقه بجامعة كورية، صار فيها بروفسورا في التاريخ ، وأصبح أشهر خبير متخصص في اللغة والثقافة العربية والإسلامية قبل اتضاح حقيقته وانكشاف سره كالجاسوس الكوري الشمالي Jong Su-il ،واعتقاله في العام 1996.

لكن الذي ربما أدهش الكثيرون في الرحلة الغريبة المثيرة المتعددة المفاجآت لذلك الجاسوس الكوري الشمالي، هو إنه خرج من السجن الكوري الجنوبي ليكتسب الجنسية الكورية الجنوبية، ويتبوأ عددا من الوظائف العليا والمهام المتفردة فيها، وهو ما يغري الكثيرين لمعرفة التفاصيل التي أسهمت في تشكيل حكاية هذا الجاسوس العجيب، وما نحاول نحن استعراض جوانب منه في هذه الحلقة.

وُلد جونغ لأبوين من أصول كورية مقيميّن في منطقة أشبه بالمستوطنة لذوي الأصول الكورية في يانبيان في الصين لأسرة فلاحية فقيرة هربت من ظروف الجوع والمسغبة والحروب الأهلية في كوريا، ومن قمع واضطهاد السلطات اليابانية المحتلة لكوريا. نشأ طفلا يعيش حياة بائسة كأغلب الكوريين في الصين وقتها الذين لم يندمجوا في المجتمع الصيني واحتفظوا بكل ما يربطهم بكوريا من عادات وثقافة وتقاليد ولغة. رغم نبوغه الواضح إلا أنه لم يتعلم أو يدرس اللغة الصينية في مدرسته التي كانت تحافظ على مناهجها الكورية والتي تدرج فيها حتى وصل السنة النهائية في المرحلة الثانوية. عندها تم للمرة الأولى الإعلان عن إمكانية إلحاق أي طالب أجنبي بأي جامعة صينية عند اجتياز الامتحان المدرسي القومي المخصص لذلك.
دفعه طموحه للاستفادة من تلك الفرصة، لكن عدم اتقانه اللغة الصينية حال دون ذلك. عقد العزم على تكريس كل جهوده لتعلّم واتقان اللغة الصينية الصعبة في الأشهر القليلة المتبقية وفعلا نجح بتفوق وسط دهشة الجميع. تخرج من جامعة بكين بامتياز والتحق بأكاديمية دبلوماسيّ المستقبل بعد أن اكتسب الجنسية الصينية، وتم ابتعاثه لمواصلة دراساته العليا في الخارج واختار مصر لذلك، وبعد إكمال دراسته العليا ، تم تعيينه دبلوماسيا في السفارة الصينية في القاهرة حيث قضى فيها 5 أعوام، انتقل بعضها للرباط في المغرب مما أتاح له فرصة اتقان اللغة العربية والتبحّر في الثقافتين العربية والإسلامية بشكل متنوع وشامل.

عاد للعمل كدبلوماسي في وزارة الخارجية الصينية. يقول إنه رغم اكتسابه الجنسية الصينية وعمله كدبلوماسي صيني ناجح، إلا أن انتمائه الأصلي لكوريا، وحسه القومي الكوري كان يعشعش في دواخله، ولم يفارقه لحظة، وهو ما دفعه للعودة لكوريا الشمالية للعمل هناك كمحاضر جامعي في الدراسات العربية والشرق أوسطية والإسلامية.
هناك التقطته المخابرات الكورية الشمالية المتمرسة، وتم توظيفه كعميل وضابط أمني وأوكلت له العديد من المهام الداخلية والخارجية الاستخبارية في تونس ولبنان وماليزيا والفلبين. بعدها رأت هيئة المخابرات الكورية الشمالية الاستفادة من كل ما توفر وتراكم له من خبرات وتجارب ومعارف متنوعة دبلوماسية ولغوية وثقافية وأكاديمية على نحو ما أوضحنا في حلقة الأسبوع الماضي، في عملية كبرى موجهة نحو هدفها الاستخباري الأول وهو كوريا الجنوبية، من خلال زرع وغرس ذلك الجاسوس المقتدر والفريد في قلب العاصمة سيول، وهو ما حدث عند وصول ذلك الأجنبي الفلبيني الذي يتحدث 12 لغة مختلفة مطار سيول الدولي عام 1984 ليصبح فيما بعد ذلك العالم النحرير والخبير الموسوعي حتى اكتشاف أمره واعتقاله في عام 1996 ليقضي عدى سنوات في غياهب السجون الكورية الجنوبية ليخرج منها بعد بضعة سنوات كمواطن كوري جنوبي وعالم فذ وخبير موسوعي وكاتب مقروء ومحاضر متمكن ومؤرخ وباحث متخصص في مجال حيوي وهو الطريق الحريري وهو ما سنتعرف عليه في حلقتنا القامة والأخيرة.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;