الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

دروس كورية:

2018-05-08

سيول بانوراما

دروس كورية:
تحت عنوان "الكسب الكوري والدرس الكوري" تداولت عدة وسائل إعلام عربية مقروءة ومسموعة وإلكترونية مقالا بقلم: الإمام الصادق المهدي، رئيس وزراء السودان السابق، ورئيس حزب الأمة القومي في السودان ، والمفكر الإسلامي العالمي المرموق، تحدث فيه عن الدروس القيمة، التي قدمتها الكوريتان والشعب الكوري للعالم من خلال قمتهما الأخيرة، والتي قال إنها هزّته ودفعته إلى إرسال خطابين للزعيمين الجنوبي والشمالي مهنئا لهما بهذا الإنجاز والكسب الثمين والذي يمكن للعالم كله وللعالم النامي بالذات أن يستفيد منه في معالجة الكثير من العثرات والمصاعب التي تعترض طريقه. وبعد مقدمة قصيرة شرح فيها الأسباب التي جعلت شبه الجزيرة الكورية أكبر ضحايا الحرب الباردة التي اندلعت بين العملاقين الأمريكي والسوفيتي في أعقاب الحرب العالمية الثانية وقسمتها إلى جنوب وشمال، وتعرض للتطورات والمساعي التي ظلت مبذولة لإحداث اختراقات إيجابية من أجل البحث عن سلام وتعاون ووفاق ضائع ومنشود، وخلص إلى أن هناك 11 درسا يمكن استخلاصها من القمة الأخيرة التي جمعت بين الرئيس الكوري الجنوبي والزعيم الكوري الشمالي.
أولاً: تجلت مواهب الشعب الكوري في الانضباط بحيث التزم الجميع ببنود الهدنة، ومع أن الحدود بينهما ظلت متوترة للغاية فإنها لم تنفجر.
ثانياً: استطاعت كوريا الجنوبية التي كان مستواها التنموي عالم ثالثي أن تحقق إنجازين عظيمين: تنمية اقتصادية رفعتها إلى مستوى الدول المتقدمة، وممارسة ديمقراطية كفلت الحريات والتداول السلمي على السلطة.
ثالثاً: كوريا الشمالية اتبعت حكماً شيوعياً يقوده حزب واحد حاكم بولاية وراثية ،وهي تجربة معرضة للنقد بمقاييس الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن ما ضاع من الحريات صحبه إنجاز في شكل انضباط مجتمعي لمواجهة هجمات خارجية قوية، وتكوين آلة عسكرية لا مثيل لها في العالم الثالث بكل ما فيه من غياب للحريات وغياب للإنجاز.
رابعاً: هذه القدرات العسكرية جعلت كوريا الشمالية تواجه زفرات الوعيد الأمريكي وتهديدات الرئيس ترامب بويلٌات من حمم نار وغضب، ووصف رئيسهم بالسمين القصير، بتهديدات مماثلة بأن الصواريخ تستطيع أن تصل إلى القواعد الأمريكية ووصف ترمب بالمخرف.
خامساً: كان موقف الرئيس الكوري الجنوبي مون موقفا متميزا تصرف فيه كرجل دولة ممتاز ولم يجار التصرفات الانفعالية للزعيمين الأمريكي والكوري الشمالي، بل اتبع دبلوماسية الألعاب الأولمبية الشتوية في سيول مرسلاً غصن زيتون وليس تغريدة نار وغضب.
سادساً: موقف كوريا الشمالية الواثق، وموقف كوريا الجنوبية الحكيم؛ أثمرا إرادة كورية مستقلة، ووضعا القيادتين في موقع محترم.
سابعا: لقاء الزعيمين الكوريين ركز على أولويات التطبيع الذي يهم الشعب الكوري في المجالات الاجتماعية، والإنسانية، والتنموية، وبناء السلام والتطلع للوحدة، والهم الأمني.
ثامنا: السلام في شبه الجزيرة الكورية يثير أمراً مهماً للعالم أجمع وهو التعامل مع المسألة النووية. فالسعي لامتلاك سلاح نووي يعتمد على ثلاثة عوامل هي: الإمكانات المالية، والمعرفة التكنولوجية، والدافع. العاملان الأولان متاحان لكثيرين وبالنسبة لكوريا الشمالية فإنها وجدت نفسها تواجه بلداً حليفا لقوة نووية هي الولايات المتحدة، ومع وجود عداء بين البلدين اهتمت كوريا الشمالية بتطوير إمكانات نووية وصاروخية رادعة صرفت عليها دم قلبها من إمكانات شحيحة، وعبر 40 عاماً من الجهد حققت ما حققت حتى تتفادى الابتزاز النووي. كل هذا يدعو لأخذ الدروس والعبر من المشهد النووي الكوري بحيث يكون موضوع السلاح النووي في شبه جزيرة كوريا مدخلاً لإيجاد حل عادل لمشاكل منع انتشار الأسلحة النووية، لأن ما فيها من خلل وتعقيدات سوف يظل مهدداً للأمن والسلم الدوليين.
تاسعاً: تجربة كوريا الجنوبية تجربة تنموية رائدة، ويرجى أن تدرس مع التجارب التنموية الناجحة الأخرى لتصير هذه التجارب قدوة للبلاد التي تعاني من التخلف التنموي.
عاشراً: إن الكسب الكوري يحمل لنا في منطقتنا العربية والأفريقية دورساً مهمة تتمثل في أهمية الاعتماد على الذات في الدفاع عن النفس، والحرص على التنمية الاقتصادية، والحيلولة دون تغريب الثروة أو إهمالها أو منح المتربصين بها الفرصة للسطو عليها.
حادي عشر: قطعت الكوريتان شوطاً في مشوار إرادة السلام وعزيمة التطبيع بينهما، ويرجى أن تحرص الدولتان على المواصلة كمشروع كوري/كوري لا يسمح لآخرين بالاستيلاء عليه. نعم للدول الكبرى دور، ولكن ينبغي أن يكون لمباركة ما يتفق عليه الكوريون أنفسهم حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد تصفية حسابات وتكتيكات لمصالح قوى عالمية.
وأخيرا يختم الإمام والمفكر والعالم والخبير في السياسة الدولية مقاله الذي وجد نسبة قراءة عالية في مختلف الأسافير والمدونات والشبكات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي ببيت شعر عربي شائع للقائد والشاعر أبو مسلم الخرساني هو :
ومَنْ رَعَى غَنَماً في أَرْضِ مَسْبَعَةِ .... ونامَ عَنْها تَوَلَّى رَعْيَها الأَسَدُ.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;