الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

حكاية "أونغ كو جيب"

2019-04-19

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، عاش رجل يدعى "أونغ كو جيب". كان رجلًا ثريًا، لكنه كان بخيلًا جدًا. وكان اسمه، "أونغ كو جيب"، يعني حرفيًا: "العنيد"، أو "ذو الرأي المتصلب". وبالفعل، كان رجلًا قاسيًا متبلد المشاعر، ولم يكن أبدا طيبًا أو عطوفًا أو ليّنا مع أهل بيته، فضلا عن الفقراء أو المحتاجين من أهل الحي، كما أنه لم يكن بارًا بوالديه، فقد ترك والدته المريضة العجوز في غرفة باردة دون أي شخص يعتني بها.

وفي يوم من الأيام، زار راهب بوذي اسمه "هاك" منزل السيد "أونغ"، وطلب بعض التبرعات. وكما هو متوقع، رفض الرجل البخيل التصدق بأي شيء، وأمر خدمه بطرد الراهب من منزله بالقوة. شعر الراهب "هاك" بالإهانة والغضب الشديدين، فعاد إلى المعبد من فوره، وراح يتناقش مع زملائه الرهبان حول كيفية عقاب ذلك الرجل الخبيث. وراحوا يناقشون أفكارهم التي تراوحت بين "إرساله إلى ملك عالم ما تحت الأرض" أو "سحره بسحر ثعلب سحري". لكن "هاك" رفض هذه الآراء، وجلب حزمة من أعواد القش، وصنع منها خيال مآتة، ثم علّق عليه تميمة صنعها بنفسه. وما أن علق التميمة، حتى تحول رجل القش إلى إنسان في هيئة السيد "أونغ كو جيب" خبيث القلب، أي أن الراهب قد صنع "أونغ كو جيب" آخر مزيفًا.

ذهب "أونغ" المزيف إلى منزل "أونغ" الحقيقي، ووقعت الأسرة كلها في حيرة وتخبط لا تُحسد عليهما. فقد كان الرجلان متماثلان تمامًا، حتى إن أيًا من أفراد الأسرة أو الخدم لم يستطع تمييز السيد "أونغ" المزيف من الحقيقي. شعر "أونغ" الحقيقي بغضب عارم وهو يشاهد شبيهه غير مصدق لما يحدث، بينما شبيهه يصيح بكل جرأة قائلا إنه هو السيد الحقيقي للمنزل.

وبالتالي، قرر كلٌ من "أونغ" المزيف و"أونغ" الحقيقي الذهاب إلى قاضي المقاطعة للحكم في أمرهما. وعندما وقفا أمام القاضي، قال "أونغ" الحقيقي بكل ثقة إنه هو "أونغ" الحقيقي وأن الآخر مجرد مدعٍ ومزيِّف. ولكن ما أن انتهى من حديثه، حتى راح "أونغ" الآخر يفصّل تاريخ الأسرة والبيت والممتلكات بشكل دقيق، حتى إنه راح يسرد تفاصيل قديمة دقيقة كان السيد أونغ الحقيقي نفسه قد نسيها. وبلغت قدرة "أونغ" المزيف على تذكر أدق التفاصيل، وبراعته في الحديث وفن الإقناع حدًّا جعل القاضي يحكم بأنه هو "أونغ" الحقيقي، واتهم "أونغ" الحقيقي بأنه رجل مُحتال مُخادع، وحُكم عليه بالجلد جزاء لخداعه الناس. والأسوأ من كل ذلك: حُكم عليه بالطرد من منزله.

شعر السيد "أونغ" الحقيقي بالحزن والاكتئاب والغُبن. لكن لم يكن هناك أي شيء يستطيع فعله لإثبات صدقه. كان قد طُرد من بيته دون أن يُسمح له بحمل أو اقتناء أي شيء، فراح يهيم على وجهه في الشوارع بلا مأوى ولا مال، وراح يتسول الطعام هنا وهناك، ولم يستطع أن يتجاوز محنته، ولا أن يفهم ما حدث له. وفجأة، شعر بشوق كبير لأمه التي أساء معاملتها، وبالندم الشديد يعتصر قلبه لأنه لم يكن ابنًا بارًا بها. وتمنى لو يعود ثريًا كما كان فيعطف على الفقراء والمشردين وقد جرّب حالهم وحياتهم بنفسه. وغرق في المرارة والاكتئاب والحزن، وشعر أن حياته لا معنى لها.

ومن ثم، قرر أنه يجب أن يضع حدًا لحياته تلك، وكان على وشك الانتحار عندما ظهر أمامه فجأة الراهب "هاك". كان الراهب يعلم أن السيد "أونغ" قد تغير وصار رجلًا آخر، وأهداه الراهب تميمة، وأمره أن يعود إلى منزله. فعل السيد "أونغ" كما نصحه الراهب، وحاول الخدم منعه من دخول المنزل في البداية، ظنًا منهم أنه المحتال المزيف. لكن السيد أونغ دفعهم بعيدًا عنه ودخل المنزل راكضًا حتى وصل إلى الحجرة التي كان "أونغ" المزيف فيها، وما أن رآه حتى أخرج التميمة ووضعها أمام وجه شبيهه، فتحول من فوره إلى خيال مآتة من القش. كل هذا حدث في لحظات معدودة أمام أفراد الأسرة والخدم الذين وقفوا يراقبونه في ذهول. التفت إليهم السيد "أونغ" أخيرًا، وقص عليهم حقيقة ما حدث، واعتذر عما بدر منه، ووعدهم جميعًا بأن يصبح رجلًا طيبًا بعد ذلك. وفعلا، صار بطلنا منذ ذلك اليوم رجلًا طيبًا، بارًا بأمه، رؤوفًا بأهله، كريما جوادا مع الغرباء والمحتاجين.

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;