الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

حكايات كورية - حكمة قاضٍ

2019-09-20

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، كان هناك بائع حرير متجول يجول البلاد طولًا عرضًا. عندما وصل إلى الجبال، شعر بالتعب من طول حمله للفافات الحرير الثقيلة على ظهره، وقرر أن يرتاح قليلًا. وضع لفافات الحرير بجانب عمود حجري كبير أمام قبر وجلس بجانبها. مسح العرق من على جبهته، ونظر إلى لفافاته. شعر بالسعادة إذا راح يتخيل الأموال الوفيرة التي سيجنيها من بيع الحرير، والهدايا اللطيفة التي سيشتريها لأفراد أسرته بالأموال التي سيجنيها. كان غارقًا في تخيلاته السعيدة حين غلبه النوم. لكن صدمته كانت شديدة عندما استيقظ، فكل لفافاته الحريرية كانت قد اختفت تمامًا. راح يبحث في كل مكان عن لفافاته كالمجنون. لا بد أن لصًا ما قد سرقها عندما كان نائمًا. أصابته نوبة رعب، راح يركض حتى وصل إلى أقرب قرية وذهب إلى القاضي كي يطلب مساعدته.

أنصت القاضي إلى قصة البائع المتجول بكل انتباه، وسأله إن كان قد رأى أي شخص في الجوار عندما استيقظ. قال البائع: "لا يا سيدي، لم أر أي شخص. لا بد أن اللص قد هرب فور ارتكابه لجريمته". سأله القاضي مجددًا عن المكان الذي وضع فيه لفافاته الحريرية. فأجابه بأنه وضعها بالقرب من عمود حجري كبير. فكر القاضي قليلا ثم قال: "لا بد أن العمود الحجري قد شهد ما حدث. أنا واثق أنه يعرف هوية اللص".  قال هذا، ثم أمر خدمه بإلقاء القبض على العمود الحجري.

صدم البائع المتجول، كيف يمكن إلقاء القبض على عمود حجري؟ وكيف يمكن الحكم عليه؟ كان الخدم أيضًا مذهولين من الأمر العجيب. لكنهم أطاعوه على أي حال، فربطوا العمود الحجري وجلبوه للقاضي. انتشرت الشائعات حول القرية، وتجمع الناس ليشهدوا المحاكمة العجيبة. وبخ القاضي العمودَ الحجري بكل قسوة: "أيها العمود الحجري، أنت الشاهد الوحيد الذي رأى اللص. أخبرني الآن حالا، فورًا، من يكون" لم يكن هناك أي إجابة بالطبع. فظهرت إمارات الغضب على القاضي: "بما أنك لا تريد أن تتكلم، فلا بد أنك اللص! إن اللص هو هذا العمود الحجري ولا شك". تعجب الناس، وبدأوا في التهامس، لا بد أن القاضي قد جُن. والآن، أمر القاضي الخدم بضرب العمود الحجري بعصا خشبية حتى يعترف بالحقيقة. اضطر الخدم لطاعة الأمر العجيب، وانفجر الناس ضاحكين مما رأوا. وجه القاضي نظراته الغاضبة للجمع المحتشد: "كيف تجرؤون على الضحك في موقف جاد كهذا؟ أنا لا أستطيع أن أسامحكم. لقد حكمت عليكم الحكم التالي، سوف أمهلكم ثلاثة أيام، ويجب أن يحضر لي كل منكم لفافة حريرية قبل انتهاء المهلة، وإلا سوف ألقي بكم جميعًا في السجن!".

لم يكن هناك بد من طاعة أوامر القاضي، وبعد ثلاثة أيام أحضر كل منهم لفافة من الحرير. أمر القاضي البائع المتجول بتفقد لفافات الحرير، ليرى إن كانت لفافاته المسروقة ضمنها. وبالفعل، وجد البائع المتجول بعض لفافاته المسروقة ضمن المجموعة. أمر القاضي خدمه بإحضار الرجل الذي باع اللفافات المذكورة للقرويين، وبالفعل أحضروه للقاضي، حيث اعترف بجريمته، وبأنه هو اللص الذي سرق اللفافات من البائع المسكين. أمر القاضي اللص بإعادة لفافات الحرير لصاحبها الأصلي، وبإعادة المال الذي جناه من بيعها لأهل القرية. وهنا فقط، فهم الجميع حكمة القاضي، وذهلوا من ذكائه وفطنته. وقد شكره البائع المتجول ألف مرة، حيث ساعده على استعادة رأسماله ومصدر رزقه بعد أن كاد ييأس من استعادته. فضحك القاضي وقال: "لا تشكرني، بل اشكر العمود الحجري!".

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;