الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الثقافية

فراولة في الشتاء

2020-05-22

ⓒ Getty Images Bank

كان يا ما كان، في قديم الزمان، بدأ موظف حكومي عمله كقاضٍ في قرية إقليمية بعيدة. وفي مكتبه الجديد، لاحظ القاضي أن الموظف الذي كان يعمل تحت إمرته يتمتع بشعبية كبيرة بين أهل القرية نظرًا لنشاطه وطيبة قلبه ودماثة خلقه. بدا له أن أهل القرية يحترمون ذلك الموظف ذا الرتبة المتواضعة أكثر منه هو، القاضي، نفسه. وقد كدر هذا الأمر مزاجه بشدة، فقرر أن يخدع الموظف بشكل ما.

وفي يوم من الأيام، أمر القاضي الموظف المحبوب بأن يجلب له بعض ثمار الفراولة. كان هذا في منتصف فصل الشتاء، مما كان يعني أنه من المستحيل العثور على فراولة في أي مكان. وكان القاضي يعرف هذا جيدًا بالطبع، لكنه كان يضمر له شرًا، فقد كان يريد أن يعاقبه عندما يفشل في تنفيذ المهمة الموكلة إليه. راح الموظف المسكين يروح ويجيء وسط الجبال بحثًا عن ثمار الفراولة، ولا عجب أنه لم يجد فراولة أو أي نوع آخر من الثمار وسط الثلوج المتراكمة التي غطت كل شيء. أعياه التعب والإحباط. راح يسترجع في مخيلته وجه القاضي العابس، لا بد أنه سيطرده من العمل، لكن كيف يعول أسرته إذن؟ اعتراه قلق شديد ملك عليه نفسه حتى أصيب بمرض شديد. وبدأ ابنه، الذي كان في العاشرة من عمره، يقلق على أبيه المريض. سأل الصبي أباه عما حل به، ولما قص عليه والده ما حدث، فكر الصبي قليلًا، ثم قرر أن يقابل القاضي بنفسه.

وفي تلك الأثناء، جلس القاضي ينتظر عودة الموظف معتذرًا منكسرًا. لكنه فوجئ بدخول صبي صغير بدلًا من الموظف. أخبر الصبي القاضي أن ثعبانًا قد لدغ والده بينما كان يبحث عن ثمار الفراولة في الجبل، وأنه يتعافى ولن يستطيع الحضور إلى العمل لعدة أيام. ضحك القاضي مستهزئًا وقال: "ماذا؟ ثعبان؟ هل تظن أنني أحمق؟ لا يوجد أي ثعابين في منتصف الشتاء القاسي، فكلها في البيات الشتوي الآن". ابتسم الصبي وقال: "هذا صحيح يا سيدي، لا يوجد أي ثعابين على الجبل في منتصف الشتاء، كما قلت. ولهذا، لا يوجد أي ثمار فراولة على الجبل للسبب نفسه!".

صُعق القاضي فلم يستطع أن ينطق بكلمة، ولم يستطع أن يحاول مناقشة الصبي أكثر من ذلك. لم يكن أمامه إلا التراجع عن طلبه غير المعقول لحفظ ماء وجهه، فقال: "أظنك على حق. قل لوالدك أن ينسى أمر الفراولة، وأن يعود إلى المكتب". أعجب القاضي كثيرًا بذكاء الصبي وسرعة بديهته، فاعتنى به عناية كبيرة، وحرص على الإشراف على تعليمه بنفسه حتى أصبح 

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;