مستمعينا الكرام أهلًا ومرحبًا بكم في حلقةٍ جديدة من برنامجكم "وجه كوري"، موعدنا اليوم مع شاعر الأعلام، "يو تشي هوان" .
"إنها صيحة من دون صوت،
تتجه نحو هذا البحّار الأزرق فتهزه،
إنه منديل الحنين الأزلي،
والحب الصادق مثل الموج يجري مع الرياح"
كان هذا جزءا من قصيدة الأعلام للشاعر الكوري "يو تشي هوان" الذي اشتهر بلقب "شاعر الأعلام"، وهو شاعر ومعلِّمٌ ألف 14 ديوانا شعريا خلال السنوات التي قضاها في التدريس في المدارس الابتدائية والإعدادية.
وُلد "يو تشي هوان" في عام 1908، وكان الطفل الثاني بين ثمانية أبناء، والكاتب المسرحي "يو تشي جين" هو شقيقه الأكبر. تعلم "يو تشي هوان" اللغة الصينية في صغره، ويُقال إنه كان صامتًا على الدوام. وبعد تخرجه في مدرسة "تونغ يونغ" سافر إلى اليابان ليستكمل دراسته، لكنه صار أكثر انطواءً على نفسه هناك، وانكب على قراءة الكتب بدلًا من عقد صداقات جديدة. وقضى "يو تشي هوان" معظم فترة مراهقته في القراءة والكتابة ، ثم دخل عالم الأدب في عام 1931 بقصيدته "هدوء"، ونشر أول ديوان له بعنوان "بداية تشونغ ما" في عام 1939، وضم الديوان 53 قصيدة منها قصيدته الأكثرة شهرة "الأعلام". واعتاد "يو تشي هوان" في تلك الفترة على الخروج مع أصدقائه من شباب الأدباء واحتساء الشراب معهم، لكن زوجته لم تشعر بالراحة لهذا الوضع فاقترحت الانتقال إلى "بيونغ يانغ"، حيث عمل "يو تشي هوان" في إدارة ستوديو للتصوير، وبدأ في التركيز في عمله وكتابة الشعر منذ ذلك الحين.
في عام 1940 قرر العمل في الزراعة، فانتقل مع أسرته إلى شمال منشوريا. وكانت حرب المحيط الهادئ في أواخر مراحلها في تلك الفترة، وكان الجميع يعاني شظف العيش بسبب الحرب، فعمل "يو تشي هوان" في إدارة وتطوير أرض أخيه الأكبر "يو تشي جين". وفي أحد أيام الشتاء القاسية، كان الثلج يتساقط بشدة، وفقد "يو تشي جين" أحد أبنائه، غير أنه لم يستطع دفنه في الأرض لشدة تجمدها، فدفنه في سهل خالٍ بين الحقول، وقد ذكر ذلك في شعره.
في عام 1945 ترأس جمعية أدبية للشباب، وكان من أعمالها تعليم الكتابة ونشر الثقافة التنويرية. ثم عاد إلى كوريا بعد الاستقلال، حيث تابع التدريس وكتابة الشعر، كما كان يلقي محاضرات عن الشعر في جامعة "كيونغ بوك". وفي أحد الأيام زاره أحد الطلبة في بيته وسأله: "لو لم تكن شاعرًا، أي عملٍ كنت ستعمل؟" فتطلع "يو تشي هوان" إلى السماء وأجاب: "كنت سأصبح عالم فلك".
وقد توفي "يو تشي هوان" عام 1967 إثر حادث مروري ، وسُمّي الشارع الذي كان يسير فيه كثيرًا في بلدته باسمه بعد موته.
اشتهر شعر "يو تشي هوان" بنزعته إلى الفخر والتعالي بالإضافة إلى انسياب الأفكار بسلاسة، مما أعطى شعره طابعًا مميزًا وغريبًا، لكنه اشتهر أيضًا بصدقه الشديد ومشاعره الجياشة، وهكاذ كان شاعرًا متميزًا للغاية.