كان للفكر الكونفيوشي في عصر جوسون تأثير كبير في كل شيء، حتى الموسيقى. وكانت موسيقى الـ"جونغ جيه" مما تأثر بالفكر الكونفوشيوسي، والـ"جونغ جيه" هو نوع من الموسيقى الخاصة بالرقص في البلاط الملكي، وكانت تهدف لإظهار القدرات والتكنيكات الفنية البارعة للأسرة المالكة. وصارت كلمة "جونغ جيه" ترمز للغناء والرقص الذَين يؤديان في الحفلات الملكية. وقد استُخدِم مصطلح "جونغ جيه" على نطاق واسع واكتسب شعبية كبيرة في عصر جوسون، وكان الفضل الأكبر في تطور موسيقى الـ"جونغ جيه" وانتشارها يعود لـ"كيم تشانغ ها".
وُلد "كيم تشانغ ها" في سيول لأسرة اشتهرت بالعمل في مجال الآلات الموسيقية الكورية التقليدية، لكن تاريخ مولده غير معروف.
لاحظ الأمير "هيوميونغ سي جا" - الذي اشتهر بمحبته وبره بوالده - براعة "كيم تشانغ ها" في موسيقى الـ"جونغ جيه"، فأقام فرقة موسيقية خاصة في القصر الملكي وعهد إلى "كيم تشانغ ها" بقيادتها.
كان الأمير "هيو ميونغ سي جا" كلما أقيم حفل ملكي جعل "كيم تشانغ ها" يعد الكثير من مقطوعات موسيقى الـ"جانغ جيه" الملكية لإدخال السرور على قلب والده الملك "سون جو"، فألف "كيم تشانغ ها" العديد من مقطوعات الـ"هيانغ أك" وأعاد إنتاج بعض مقطوعات الـ"دانغ أك".
والـ"هيانغ أك" هي مقطوعات من موسيقى الـ"جانغ جيه" ورثتها جوسون عن عصر شيلّا، فهي مقطوعات ملكية كورية خالصة، يتغنى بها الراقصون أثناء رقصهم في البلاط الملكي باللغة الكورية، وينحنون احترامًا في بداية الرقصة ونهايتها. أما الـ"دانغ أك" فهي رقصات ملكية أخذت من رقصات البلاط الصيني، وهي تختلف عن الـ"هيانغ أك"، وفيها يحمل اثنان من الراقصين لوحة ضخمة من خشب البلوط يدخلون بها القاعة ويقيمون المسرح حيث يبدأ عرضهم.
ألّف "كيم تشانغ ها" 22 مقطوعة من موسيقى الـ"جانغ جيه"، ومن أشهر أعماله "كا إين جون مون دان" و"بو سناغ مو" و"تشون إنغ جون" وغيرها.
ولأن موسيقى الـ"جانغ جيه" أُسست على مبادئ الكونفوشيوسية، فهي تركز على الآداب وحفظ النظام، ولهذا فهي تسعى لإخفاء التعابير الخاصة والمشاعر الشخصية للراقصين. أما "كيم تشانغ ها"، فرغم براعته في فن تأليف الـ"جانغ جيه" إلا أنه ركّز على العوامل الداخلية أكثر من الخارجية في تشكيلات الرقص، فكان يسعى لتأكيد العامل الفني من خلال إحيائه للمشاعر القومية والوطنية في فنه.
لم يكن "كيم تشانغ ها" مجرد موسيقيّ وراقص، بل كان فنانًا استطاع أن يصنع بفنه العصر الذهبي لموسيقى"جونغ جيه". فقد كان لـ"كيم تشانغ ها" والأمير "هيو ميونغ" الدور الرئيس في إحياء الموسيقى الكورية التقليدية وتطويرها في النصف الثاني من عصر جوسون، وقد ركز "كيم تشانغ ها" في فنه على العناصر الداخلية أكثر من الخارجية، فاستطاع أن يعبر بفنه عن الإحساس الكوري القومي بسلاسة ودقة وإتقان ببراعة منقطعة النظير.