في يونيو 1926 -أثناء الاحتلال الياباني- بثت محطة إذاعة "كيونغ سانغ" أول إذاعة تجريبية لها، فأذاع "نو تشونغ سونغ" المنتج والمشرف الفني للمحطة بصوته عبارة "هذا بث تجريبي"، ورأى أن الأصوات النسائية ستكون أفضل للبث، فبدأ البحث عن مذيعة ووقع اختياره على "لي أوك كيونغ" التي نجحت في الاختبار الصوتي الذي أعده. وهكذا بدأ عهد جديد لعمل النساء في الإذاعة.
وُلدت "لي أوك كيونغ" في سيول عام 1901، وكان والدها يعمل محصلًا للجمارك في "إين تشون". وبعد بدء الاحتلال الياباني في 1910 انتقلت أسرتها لمنشوريا حيث حرص والدها على جعل وحيدته ترتدي ملابس الفتيان لتسهيل تعليمها، ولم يكن هناك مدارس إعدادية للفتيات في منشوريا، فأرسلها والدها إلى اليابان كي تكمل تعليمها لاقتناعه بضرورة تعليم الفتيات.
علمت "لي أوك كيونغ" أن والدها توفي إثر إصابته بالتهاب رئوي فعادت إلى "إين تشون" حيث ألحقتها والدتها بمدرسة ثانوية يابانية للفتيات. وقبيل تخرجها من المدرسة الثانوية وبينما هي تعدّ للسفر لدراسة الطب في طوكيو تزوجت صديق طفولتها "نو تشونغ سونغ".
وعن بداية عملها بمحطة الإذاعة تقول: "بعد بدء بث الإذاعة الكورية بعدة أيام، طلب زوجي مني أن أساعد محطة الإذاعة لأنهم كانوا يحتاجون لصوتٍ نسائي"، فـ"نو تشونغ سونغ" كان هو المسؤول عن إنشاء محطة الإذاعة، ثم وُكل إليه الإنتاج والإشراف الفني للمحطة، في تلك الأيام لم تكن هناك وظيفة تدعى "مذيع"، وبالتالي لم يتقدم لشغلها أحد، فكان موظفي المحطة من الرجال يتولون البث بأصواتهم، لكن "نو تشونغ سونغ" كان يرى أن الأصوات النسائية سيكون لها تأثير أفضل.
نجحت "لي أوك كيونغ" في الاختبار الصوتي فصارت أول مذيعة في كوريا، وكان صوتها الرخيم ينبعث من الراديو كل ليلة لمدة ساعتين ونصف، وفي ذلك الوقت كان الراديو يعتبر صندوقًا سحريًا مبهرًا، ينقل أصوات الناس عبر الأثير. كانت شعبية "لي أوك كيونغ" ساحقة، فكان الكثيرون يأتون لمحطة الإذاعة لرؤيتها وكان تدافعهم يؤدي لكسر النافذة الزجاجية أحيانًا، كما كانت تضطر لركوب الـ"ريكشو" -وهي عربة ثنائية العجل يجرها رجل- في طريقها من وإلى العمل حتى تتجنب المعجبين. كانت "لي أوك كيونغ" ترى أن ظهور مهنة جديدة للنساء في ظل الجو العام الذي لا يتيح للنساء الخروج للمجتمع هو أمرٌ قيم. وقد اعتزلت "لي أوك كيونغ" العمل بمجرد وضعها لثاني أطفالها، ابنتها "نو را نو"، أول مصممة أزياء كورية.
وضعت "لي أوك كيونغ" 9 من الأبناء والبنات، واعتزلت العمل بعد وضعها لطفلتها الثانية وقررت التفرغ لأسرتها. صحيح أن فترة عملها في الإذاعة كانت قصيرة، لكن كونها أول امرأة كورية تعمل في مهنة كانت جديدة تمامًا في تلك الأيام هو أمر له قيمته الكبيرة للإذاعة الكورية.