كانت هناك هيئة حكومية للرسم خلال عصر مملكة "جوسون" تُدعى "دو هوا سو"، وكان الرسامون الذين ينتمون لـ"دو هوا سو" يرسمون اللوحات التي تحتاجها الدولة من حين لآخر، مثل اللوحات العملية ولوحات السجلات. وكان "شين يون بوك" أحد هؤلاء الرسامين، وقد اشتهر بلوحاته الرائعة. كان "شين يون بوك" غالبًا ما يرسم مشاهد من الحياة اليومية للنبلاء، أو مشاهد للجواري في الحانات الخاصة بهن. ولأن لوحاته تميزت بالدفء والجمال فهي لا تزال تتمتع بشعبية كبيرة حتى اليوم. ولكن المهتمين بـ"شين يون بوك" ولوحاته لا بد أن يتعرفوا أيضا على شخص آخر، وهو أيضا رسّام تمتع بشهرة فائقة طوال حياته وأبدع لوحات رائعة عن الحياة الشعبية وفن البورتريه، إنه "شين هان بيونغ" والد "شين يون بوك".
ويُقال إن موهبة الرسم انتقلت من جيل إلى جيل في عائلة "شين"، فحتى "شين هان بيونغ" الأب تعلم الرسم على يد والده الذي برع فيه أيضًا. وقد اختير "شين هان بيونغ" لرسم صورة بورتريه للملك ثلاث مرات، وكان رسم بورتريه الملك مرة واحدة شرفًا كبيرًا لا يناله إلا القليل من الرسامين. وقد ذُكر في سجل حياة الملك "جونغ جو"، أن الملك كان يحرص على رسم صورة له مرة كل عشر سنوات، وكان هذا الشرف من نصيب "شين هان بيونغ".
لم تصلنا الكثير من لوحات "شين هان بيونغ"، لكن اللوحات القليلة التي لا تزال موجودة تحظى بتقدير عالٍ في الأوساط الفنية، ولعل أشهر تلك اللوحات على الإطلاق هي لوحة "جامويوغا" التي تعد اللوحة الوحيدة الباقية من أعمال "شين هان بيونغ" التي تصور الحياة الشعبية. ويبدو أن اللوحة كانت ضمن ألبوم لوحات، ولذلك يرجح المتخصصون أن "شين هان بيونغ" ربما يكون قد رسم ألبومًا كاملًا عن الحياة اليومية الشعبية ، ولم تصلنا منه غير هذه اللوحة. وفي هذه اللوحة، حذف الرسّام الخلفية ولم يرسم إلا الأشخاص فقط، كما أن الأشخاص المرسومين واضحي الملامح، مما يجذب انتباه الناظر إلى اللوحة بشدة.
وتصور اللوحة أمًا وثلاثة أطفال، تجلس الأم في المنتصف وتحمل أصغرهم وترضعه، وتجلس بجانبها ابنتها الصغيرة وعلى الجانب الآخر ابن آخر صغير يغطي عينيه ويبكي لأن حضن أمه نُزع منه. والواقع أن "شين هان بيونغ" نفسه كان لديه من الأبناء ولدين وبنت، ولذلك يخمن البعض أن الصورة في الواقع إنما تصور أسرته نفسها. ولو صح ذلك التخمين، فذلك يعني أن الطفل الذي يغطي عينيه باكيًا هو في الواقع "شين يون بوك" الذي ورث عن أبيه موهبة الرسم.
لم يحظَ "شين هان بيونغ" بنفس الشهرة الواسعة التي حظى بها ابنه، لكنه عمل لمدة ثلاثين عامًا في هيئة الرسم التابعة للقصر ، وأبدع خلالها الكثير، وكان يهتم بالألوان أكثر من وصف التفاصيل والدقائق، وقد انتقلت هذه الموهبة في استخدام الألوان أيضًا إلى ابنه، الذي تشرب الفن من أبيه المبدع منذ الصغر.