ⓒ Getty Images Bank

توجد فترة زمنية معينة من السنة تشهد خلالها أسعار الأسهم الخاصة بالعطور ارتفاعا كبيرا، وهي الفترة التي تصادف الأيام التي تسبق حلول عيد الحب، الموافق ليوم الرابع عشر من شهر فبراير من كل عام. ويبدو أن السبب في ذلك يرجع إلى أن إهداء العطور الجميلة في مثل هذه المناسبة لا يخلق فحسب جوا رومنسيا بين المتحابين، بل يعكس شعورا واسعا بالرضا لدى المستهلكين تجاه الأسعار المناسبة لتلك العطور.

وتشهد محلات العطور خلال هذه الفترة من كل عام رواجا كبيرا بمناسبة عيد الحب، حيث قالت شركة لوتيه للمتاجر إن مبيعاتها من العطور خلال الأسبوع الذي سبق هذا العيد، أي من السابع إلى الثالث عشر من شهر فبراير من العام الماضي قد شهد زيادة  بنسبة أربعين بالمائة مقارنة مع الأسبوع السابق أي من الحادي والثلاثين من شهر يناير إلى السادس من شهر فبراير، وذلك في ظل توقعات بأن يتجه الكثير من الأحبة إلى محلات العطور من أجل شراء الهدايا للأحباب هذا العام أيضا. 

في هذا السياق نصح الخبراء في صناعة العطور بعدم اعتماد معيار الجنس في اختيار العطور هذه الأيام. وللتذكير فقد جرت العادة على تقسيم أصناف العطور التقليدية إلى أنواع خاصة بالرجال وأخرى خاصة بالنساء حيث كانت العطور الخاصة بالنساء تحتوي على رائحة الفواكه الطازجة وروائح الزهور، بينما كانت تحتوي عطور الرجال على رائحة الأشجار الكثيفة أو رائحة النباتات أو رائحة البحار الباردة، كما اتخذت تصميمات الزجاجات التي تحتوي على العطور هي أيضا تصاميم مختلفة بحسب الجنسين، حيث اتخذت تلك الزجاجات الخاصة بالرجال أشكالا ذات زوايا متعددة، يتم وضعها في علب زرقاء أو سوداء اللون، بينما اتخذت زجاجات العطور الخاصة بالنساء أشكالا منحنية من الألوان الوردية أو الذهبية أو الزاهية.

 أما بخصوص الإعلانات التجارية المتعلقة بالعطور، فقد كانت تركز على ميزات وأدوار الجنسين حيث كان عارضو الأزياء الرجال من ذوي العضلات المفتولة، يظهرون في إعلانات الترويج للعطور الرجالية، وغالبا ما تعودت تلك الإعلانات على إستخدام عبارة " رائحة تامة للرجال" وغيرها.

 ومن أجل الترويج الجيد لعطور النساء كانت النساء الجميلات تظهرن في الإعلانات الخاصة بتلك العطور، من أجل استقطاب أكبر عدد من النساء الراغبات في أن يكون جمالهن بمثل جمال النساء، صاحبات الإعلانات. 

 تجدر الإشارة إلى ظهور صنف من العطور في الآونة الأخيرة لا يعتمد التفرقة بين الجنسين، وهو ما يمكن أن يصطلح على تسميته بالعطور "حيادية الجنس"، أو بالعطور ذات الاستهلاك العام بين النساء والرجال على حد سواء.

 في هذا الإطار، أفادت إذاعة بي بي سي البريطانية بأن واحدا وخمسين بالمائة من العطور التي طرحت في عام ألفين وثمانية عشر، تصنف ضمن العطور الحيادية التي لا تميز بين الجنسين، بعد أن كانت تلك النسبة في حدود سبع عشرة بالمائة فقط في عام ألفين وعشر.

وفي هذا السياق شرح "كيم سونغ هون " صاحب متجر العطور " مي جونغ دي بابانغ메종드파팡’" أن الكثير من النساء يرتدين هذه الأيام ملابس رجالية بينما يفضل عدد من الرجال الملابس الخفيفة والحيادية من حيث الجنس، ونتيجة لذلك تأثرت سوق العطور بهذا التيار إلى حد أن نسبة ثمانين بالمائة من العطور التي يبيعها المتجر هذه الأيام، أصبحت "حيادية الجنس".

كما اشارت كيم إلى أن المستهلكين المعاصرين يولون أهمية كبيرة للخاصيات الشخصية أو العناصر الذاتية، بدلا من اعتماد معيار التمييز الجنسي، مضيفا أنهم يودون من خلال استخدام مختلف أنواع العطور، التعبير عن ميزاتهم الشخصية، عوضا عن الاهتمام بعامل التمييز بين الجنسين.

يذكر أن  مركز بحث السوق "مينتيل" قال في تقرير أصدره مؤخرا حول اتجاه تيارات العصر الحديث في مجال التجميل، إن الأمور الذاتية والشخصية أصبحت ذات أولوية في اتجاه المستهلكين، بدلا من العوامل المتعلقة بشكل الجسم والجنس والعمر. ويظهر هذا التوجه الجديد جليا من خلال استخدام العديد من العبارات، على غرار عبارات " جمالي وقواعدي " بوصفها كلمات رئيسية مميزة لهذا الاتجاه الاستهلاكي الجديد.

كما أشار تقرير مينتيل في ذات السياق إلى اتجاه المستهلكين نحو استبعاد التفكير النمطي المعتمد على التمييز بين الجنسين، مما جعل العلامات التجارية تتجه إلى الإقبال المتنامي على تطبيق مبدأ حيادية الجنس في عملية تطوير منتجاتها الجديدة وحملاتها التسويقية. لذلك أصبح التفكير التقليدي الذي كان سائدا والذي يقول إن العطور التي تحتوي على رائحة الزهور تخص النساء، فيما تخص العطور التي تحتوي على رائحة الأشجار المستهلكين الرجال، من قبيل  التقاليد البالية، في ظل تزايد نطاق تسويق العطور حيادية الجنس بنسق سريع.