الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الناس

حارس التراث الكوري "تشيه وان سو 최완수 "

2016-06-07

"تشيه وان سو 최완수" الذي ظل يقود جهودا كبيرة للحفاظ على الفنون والثقافات التقليدية الكورية.
متحف كان سونغ هو أول متحف كوري خاص، وقد تم افتتاحه في عام 1938. يضم المتحف العديد من اللوحات الفنية وأعمال الخط التي جمعها الفنان الكبير وجامع الأعمال الفنية "جون هيونغ بيل"، الذي كان يبذل جهودا كبيرة وينفق الكثير من الأموال على شراء وجمع وحفظ الكثير من الأعمال الفنية والتي لم تستطع حتى السلطات الرسمية جمعها خلال فترة الاحتلال الياباني والحرب الكورية.

ولذلك فإن مجموعة "كان سونغ" الفنية الواسعة تشمل لوحات رسم ولوحات خط وأعمالا خزفية وتماثيل بوذية ووثائق وسجلات ومدونات تاريخية قديمة. لكن أبرز تلك الأعمال عبارة عن 200 لوحة لفنانين عظماء، مثل "كيم هونغ دو" وشين يون بوك" و"جونغ صون". سبعة من الأعمال الفنية التراثية لبعض هؤلاء الفنانين تم تصنيفها فعلا ككنوز قومية والعديد ما زال في قائمة الانتظار. فكلها كنوز ثقافية تراثية لا تُقدّر بثمن، والحفاظ عليها كان نتاجا لجهود خارقة بذلها جون هيونغ بيل، الذي كان يقترض المال أو يستقطعه من ضروريات حياته اليومية لتكوين تلك المجموعة المهمة التي أتاحت الفرصة لأبناء هذا الجيل في القرن الـ21 للتمتع بمشاهدة أعمال فنية كورية تاريخية قديمة.

دعانا "تشيه وان سو" للسفر عبر الزمن على مدار خمسة قرون من تاريخ مملكة جوسون، بصوت هادئ وملئ بالفخر بالتراث الثقافي الكوري. فقد ظل على مدى نصف قرن من الزمن حارسا وفيا ومشرفا على الحفاظ على كنوز التراث الفني الكوري داخل متحف "كان سونغ".

الزمن يبقى في حالة توقف في مركز الفنون القومية الكورية الواقع داخل متحف كان سونغ الفني في شمال سيول. تشتمل مكتبة المركز على مناضد وأدراج ورفوف مكتبية تعج بالكتب القديمة وتسد النوافذ لتجعل الغرفة مظلمة ومليئة بالغموض. المكان الوحيد الذي تتسرب منه بعض الإضاءة هو أريكة صغيرة ومنضدة وكرسي يجلس عليه أمين المتحف "تشيه وان سو" الذي يبدو مثل "سون بي 선비" أي مثقفي عصر مملكة جوسون.



الآن يبلغ تشيه من العمر أربعة وسبعين عاما. وقد تخرج من جامعة سيول الوطنية متخصصا في علم التاريخ، والتحق بالعمل في المتحف القومي الكوري في عام 1965. وظل منذ شبابه مهتما وحريصا على دراسة الثقافة والتراث الكوري التقليدي ونشره والترويج له في مختلف الأوساط. وبعد عام واحد فقط من عمله، تلقى عرضا غير متوقع للعمل كرئيس للمركز الفني الكوري القومي الذي أُنشئ خصيصا لإجراء بحوث ودراسات حول الأعمال الفنية الموجودة في متحف كان سونغ. تردد في البداية في قبول هذه الوظيفة الخاصة، ولكن مجرد زيارة واحدة لمشاهدة المجموعة جعلته يقبل بالعرض، على الرغم من مظاهر الفوضى السائدة.

كانت مجموعة الكتب التاريخية القديمة بمثابة الشَرك الذي اصطاد الباحث "تشيه وان سو". فقد كان يحرص منذ أيام الدراسة على استعارة مثل تلك الكتب وقراءتها، ولذلك فقد استعاد كل تلك الذكريات المدرسية القديمة بمجرد مشاهدة كل ذلك الكم من الكتب التاريخية التي كان يحلم بقراءتها.

ومن ثم، شرع تشيه بجد وعزم في قهر تلك المهمة العسيرة، حيث أخلى أرفف المكتبات المكدسة بالكتب والمخطوطات واللوحات، وبدأ في تنظيمها وتصنيفها وحفظها على أسس علمية سليمة. وكان يتعامل مع كل كتاب كفرد من أفراد أسرته. وذات مرة، وبعد أن فتح صندوقا مليئا بكمية من اللوحات والمخطوطات، شعر وكأن الضوء يغمره من جديد بعد خروج من نفق مظلم. وكان قلبه يخفق بقوة:

أعمال الفنان "جونغ صون" هي ما دفع "تشيه وان سو" للقيام بالمزيد من الأبحاث والدراسات عن ذلك المبدع وعن عالمه الجميل المتنوع بكل جباله ومياهه وخضرته وثلوجه. وقد بدا له جليا أن جونغ صون ليس مجرد فنان، بل عبقري حقيقي. كان جونغ يستعمل اسما فنيا مستعارا هو "كيوم جيه 겸재" وكان أستاذا في مدرسته الفنية القائمة على التوازن بين "الين واليانغ" ومشهورا ومرموقا في الأوساط الكلاسيكية الكونفوشية وحتى الصينية. وكان الكثير من حكام ونبلاء ومفكري مملكة جوسون يقدمون أعماله الفنية كهدايا تذكارية ورمزية للضيوف والمبعوثين والدبلوماسيين الأجانب. ولهذا، لم يكن مستغربا أن أول معرض تم تنظيمه في متحف كان سونغ للفنون في عام 1971 كان عن الفنان "كيوم جيه جونغ صون". ومن وقتها وعلى مدى ما يقارب أربعين عاما، ظل "تشيه وان سو" منغمسا في العالم المدهش لذلك الفنان الرائع.

وهناك فنان آخر استأثر باهتمام الباحث "تشيه"، وهو "تشوسا كيم جونغ هي 추사 김정희" الخطاط المعروف مبتدع نمط الخط "تشو سا" . كان المبدع والخطاط "كيم" هو موضوع وجوهر المعرضين الثاني والثالث لمتحف كان سونغ الفني. وبعد أن نجح المتحف نجاحا مشهودا في نشر وترويج أعمال الفنانيْن المبدعين، صار الكثيرون ينظرون للمتحف كمستودع للكنوز الفنية والتراثية. لم تكن أنشطة المتحف مقتصرة فقط على المعارض، فقد كان يقدم عرضين في كل عام في الربيع والخريف، ويشتمل كل عرض على موضوعات وصور فنية تتقاطر صفوف من الجمهور من أجل مشاهدتها. وكان تشيه يشعر عند مشاهدة كل ذلك التدافع والإقبال الجماهيري للتعرف على أعمال فنية تراثية تقليدية، بقدر لا حدود له من الرضاء والسعادة.

متحف كان سونغ الفني حقق حلم "تشيه وان سو" في نشر وترويج التراث الفني والثقافي الكوري التقليدي.
وقد شارك في معرضه الأخير في مركز "تونغ ديه مون" للتصميم عدد من الفنانين المعروفين، حيث أتاح تشيه الفرصة للفنانين المعاصرين من أجل إخراج أعمال فنية تمزج بين القديم والجديد.
ومؤخرا، بدأ "تشيه وان سو" في دراسة القبور الملكية التي ترجع لعصر مملكة جوسون، حيث تمثل تلك القبور الملكية عظمة الثقافة الكورية القديمة.
انتهى

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;