الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الناس

"هان بوك ريو 한복려" خبيرة الطهي الخاص بمملكة جوسون

2016-08-16

تم يوم الـ29 من شهر يوليو تنظيم حفل لتوزيع الشهادات على الطلاب والطالبات الذين شاركوا في البرنامج الصيفي الخاص بالمطبخ الملكي في مكان قريب من قصر "تشانغ دوك كونغ" في وسط سيول. هذا البرنامج القصير هو أكثر البرامج شعبية ورواجا وسط دارسي فنون الطهي، حيث إنه لا يكلف الطالب سوى 4 أو 5 ساعات يوميا لحضور البرنامج الذي يستمر لمدة 10 أيام فقط، ليكتسب فيه معارف قيّمة وثمينة تتعلق بأشهى وأعظم الأطباق الملكية وثقافة الطهي الملكي في كوريا.
الأستاذة "هان بوك ريو" ظلت تقود المعهد الكوري للمطبخ الملكي على مدى 45 عاما كاملة وقد صارت مرجعا في الأطعمة الخاصة بمملكة جوسون التي تم تخصيصها ككنز تراثي مهم يحمل الرقم 38. وهي خبيرة تشرف على كيفية المحافظة على الأطباق الملكية التاريخية حسب السجلات والوثائق القديمة وكيفية تطويرها وتقديمها في المناسبات الرسمية والقومية المختلفة.

الأطباق الملكية التقليدية التي صارت كنزا تراثيا مهما في عام 1971 وجدت ذلك التكريم العظيم امتدادا لجهود أول أستاذة وخبيرة في هذا المجال، وهي "هان هي سون 한희순" التي كانت تشرف على المطبخ الملكي في عهد الملك "كوجونغ" في نهاية عهد مملكة جوسون. وخلفتها في ذلك الشرف الطاهية والخبيرة الراحلة "هوانغ هيه صونغ 황혜성" والدة الأستاذة "هان بوك ريو". كانت هوانغ قد تلقت دروسا وخبرات في الأطباق الغربية الحديثة في اليابان قبل أن تلتقي بالخبيرة "هان هي سون" لتتعلم وتتدرب على يدها فنون المطعم الكوري التقليدي الملكي على مدى ثلاثين عاما. وقامت السيدة "هوانغ" بتأسيس المعهد الكوري للمطبخ الملكي في سيول في عام 1971 لتدريس فنون وأصول الطهي. وقبل موتها حرصت على نقل كل خبراتها وتجاربها وتقنياتها في هذا المجال لابنتها الكبرى "هان بوك ريو". وقد نجحت "هان" في الحفاظ على ما ورثته من معارف وقامت بتطويرها.



وبنصيحة من والدتها تخصصت هان في علوم البساتين والأغذية. ودرست كل ما يتعلق بالنبات والزراعة والجني والحصاد وتصنيف المكونات الزراعية والنباتية وهو ما ساعدها كثيرا في معرفة كل ما يتعلق بالتغذية وجعلها من الخبراء في هذا المجال لمدة خمسين عاما متتالية.
وقد أورثت السيدة الخبيرة "هوانغ هيه سوك" بناتها الثلاث أسرار اتقان صناعة الطعام وتطويره كفن وثقافة وإبداع. الابنة الأكبر "بوك ريو" هي مدير معهد المطبخ الملكي والأستاذة المعروفة في عالم الطهي كما أوضحنا. والابنة الثانية "بوك سون" هي أيضا خبيرة ومتخصصة في الإعلام والترويج والدعاية في نفس المجال. أما الابنة الصغرى "بوك جين" فهي أستاذة جامعية متخصصة في الطهي الكوري.

لم تكن هان تتلقى أي دروس خصوصية أو معاملة خاصة من والدتها وإنما مجرد ملاحظات في شكل عام. وقد كانت الأم حازمة وقاسية ولا تجامل في أي تصرف يمكن أن يمثّل خطأ أو تجاهلا أو استخفافا بما يخص المطبخ الملكي. وبالتالي، لم ترث هان تلك القدرات وحدها وإنما ورثت صفات أمها أيضا.
التربية الذهنية التي تلقتها هان من والدتها وجدت طريقها عبرها إلى أذهان تلاميذها، حيث ظلت تؤكد لهم دائما أن الطهي هو سلوك وأخلاق ومنطق.

السبب في التركيز والاهتمام المعنوي الكبير الذي كانت والدة هان تمنحه لإعداد الطعام هو أن المطبخ الملكي بالنسبة لها لم يكن مجرد طعام وإنما رمز للسلطة بكل ما فيها من جلال وعظمة واحترام للعرش والقيادة. وحسب الثقافة الكونفوشية، فإن المناسبات القومية والاحتفالات التذكارية المتنوعة هي مناسبات وفرص استذكار للتاريخ والتراث والماضي، واحتفاء بالحاضر وتوقير للمبادئ وتعبير عن الطاعة للحكام. وكان المطبخ الملكي بالنسبة لها فلسفة بحالها.

وكلما تعمقت هان في المزيد من الدراسات المتعلقة بالمطبخ الملكي كلما اكتشفت أعماقا فلسفية جديدة متعلقة به. وهي تقول إن أشهى طعام في العالم هو الطعام جيد التتبيل، وتقول إن كلمة "تتبيل" ليست مجرد كلمة عابرة وإنما كلمة متعددة المعاني والإيحاءات.
سعت "هان" لتصحيح بعض الأخطاء وكشف الغموض عن بعض الأسرار والمفاهيم المتعلقة بالمطبخ الملكي. ولهذا فهي تبدأ محاضراتها في العادة بتناول عام لثقافة المطبخ الملكي نفسه.
من بين الترتيبات التي يتم القيام بها لعمل باقة الورد الخاصة بالأفراح، وضع مجموعة من ثمار العنّاب وربطها بخيوط تمنعها من السقوط. الخيط ليس لمنع التساقط فقط كما قد يبدو للبعض لكنه للتعبير عن الرباط المقدس للحياة الزوجية. كل شيء قد يكون بحساب وبمقصد أبعد مما قد يظهر للوهلة الأولى.

طلاب الخبيرة هان لا يشرعون في الطهي إلا بعد تلقي الإشارة اللازمة منها. تكون هان في قمة سعادتها عند مشاهدة طلابها منهمكين في القيام بأعمالهم حسبما تلقوا من توجيهات. هي كذلك سعيدة بوجود عدد من الشباب الراغب في تعلم تقنيات المطبخ الملكي القديم التي تقول إنه أمر هي عازمة على نشره وسط أكبر عدد من الناس في كوريا وخارجها. وليست وحدها فقط، ولكن حتى تلاميذها صاروا من أصحاب تلك الرسالة. عن ذلك تقول "شين هيه يون" 신혜연 إحدى طالباتها:

احتفلت السيدة هان بعيد ميلادها السبعين في شهر مايو الماضي، حيث، نظم لها تلاميذها حفلا ملكيا فريدا شبيها بحفلات قصور مملكة جوسون. وفي ذلك الحفل ذرفت الدموع من عينيها عندما تذكرت أمها الراحلة.

الأستاذة هان مشغولة الآن بجمع ودراسة أكبر عدد ممكن من السجلات القديمة ذات الصلة لتضمينها ونشرها في موسوعة خاصة بالطبخ الملكي التقليدي. وهي مهمة صعبة بسبب عدم توفر الكثير من السجلات والوثائق اللازمة، لكن ما تملكه الآن يكفي، على الأقل لإخراج تلك الموسوعة بأفضل شكل ممكن، فهي تمتلك الرغبة والإرادة والعزيمة. انتهى

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;