الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الناس

فرقة "كورال الشباب الأشّيب"

2016-09-13

فرقة "كورال الشباب الأشّيب" ،وجميع أعضائها من كبار السن والتي صارت تُعتبر أيقونة ورمزًا لثقافة المسنين في كوريا.
المكان الذي يُجري فيه أعضاء فرقة الكورال من المسنين، تلك هي غرفة التجهيز الخاصة بهم وهي غرفة في المركز الفني في غواشون، وتجري التجهيزات في الساعة الثانية من بعد ظهر يوم الثلاثاء في كل أسبوع.
وبعد بضعة تمارين قصيرة يتم ميلاد عمل إبداعي جديد وشديد الانسجام. من يصدق إن كل ذلك الإبداع يخرج من فرقة يتجاوز متوسط عمر أفرادها الخمسة والستين.

تكونت فرقة الشباب الأشيب لأول مرة بهدف المشاركة في البرنامج التلفزيوني القديم للكي بي إس " مؤهلات الرجال" وهو برنامج تم إلغاؤه، وقد كان يتناول مواهب رجال تقدموا في العمر إذ يُشترط أن يكون عمر المشارك اثنين وخمسين عاما فما فوق، وقد بلغ عدد المشاركين طوال الحلقات التي تم بثها أكثر من ثلاثة آلاف متنافس وصل أربعون منهم إلى التصفيات النهائية للمتنافسين. كانت آخر حلقات ذلك البرنامج قبل ستة أعوام من الآن، بعدها تبعثرت الفرق واختفى أكثر المشاركين، غير أن فرقة كورال واحدة تحمل اسم " الشباب الأشيب" بقيت مستمرة في ممارسة أنشطتها بكل حيوية ونشاط.
فرقة كورال الشباب الأشيب قدمت شيئا لم تجرؤ أي فرقة كورية على تقديمة من قبل وهو الغناء داخل مقر الأمم المتحدة في نيويورك. قدمت الفرقة كذلك عروضا خالدة في مسارح وقاعات أخرى ومنها المكان الذي هو حلم كل مبدع كوري وهو مركز سيول الفني. ظلت الطلبات والدعوات تنهمر على الفرقة الشابة العجوز من كل حدب وصوب في كوريا ومن جهات حكومية رسمية ومنظمات وجماعات مدنية وأهلية لتقديم عروض لها. كان الكثير من عروض وحفلات الفرقة يتم بثه حاليا تلفزيونيا وإذاعيا وكان يجد تفاعلا وتجاوبا جماهيريا هائلا ما بين الإشادة والتصفيق والتهليل وحتى الضحك والمزاح في أحيان أخرى حينما تستغرق مغنية في الثمانين وتندمج في الغناء والرقص وتتمايل مع الأنغام بزهو ونعومة وبراءة صبية مراهقة.

كان الكثيرون موقنين بأن تلك الفرقة العجوز ستتفكك بمجرد نهاية ذلك البرنامج التلفزيوني الذي شاركت فيه غير أنها بقيت بل ازدادت تماسكا. كانوا يرون إن بقاء الفرقة يعني بالنسبة لهم استعادة الشباب وبقاء الحياة واستمرار الأمل. السيد "كوون دي ووك" المدير التنفيذي لفرقة الشباب الأشيب وسفير النوايا الحسنة يقول :

ومنذ ذلك اليوم تم الاتفاق على تحديد يوم أسبوعي منتظم للالتقاء أعضاء الفرقة وتنظيم البروفات والتداول حول برامج وأنشطة الفرقة ومشاركاتها. كان بعض أفراد الفرقة خائفين من أن يفقد البعض الآخر حماسهم مع غياب حافز المنافسة التي كانت مشتعلة داخل البرنامج التلفزيوني. يومها خطرت لمدير الفرقة كوون دي ووك خاطرة شجاعة وهو السعي لتمكين الفرقة من تقديم وصلة غنائية في مقر الأمم المتحدة.
كان تحديا أقرب للخيال حسب رؤية البعض وقتها. وشرع المدير "كوون" في القيام باتصالاته عبر مختلف النوافذ والأساليب التي خطرت له. كانت ردود الفعل الأولية سلبية بل ومحبطة، غير أنه لم ييأس وتذكر العديد من القصص والأمثال والأقوال المأثورة والحِكْم وأبيات الشعر التي تشجع وتحفّز وتؤكد أنه من الضروري بذل كل الجهود الممكنة وتجريب كل الوسائل المتوفرة وسلك كل الدروب المتاحة من أجل تحقيق الغايات والأماني. وركز جهوده على بعثة كوريا الدائمة لدى الأمم المتحدة والتي نجحت في أن توفر للفرقة فرصة الغناء في احتفال في مناسبة أممية خاصة بكبار السن والمسنين تقام في ال15 من يونيو كل عام. السيد "يون هاك سووا" المدير المساعد للفرقة كان مسؤولا عن تنظيم تلك المناسبة.



في يوم ال15 من يونيو في العام 2015 صدحت فرقة كورال الشباب الأشيب بألحان شجية وأنغام ساحرة وسط عاصفة من تصفيق المئات من السفراء والدبلوماسيين والإعلاميين والمسئولين من مختلف أرجاء العالم.

صفق وهلل الحضور الكبير خاصة عندما قدمت الفرقة أغنيتها " الحياة تبدأ في سن السبعين". وجد العرض الذي قدمته الفرقة الكورية السبعينية تجاوبا واسعا من الجمهور الحاضر وتفاعلا بطريقة مدهشة لم يحلم أي من أعضاء الفرقة به ولم يخطر ببال أي واحد منهم حتى عندما كانوا فتيات وفتيانا في العشرينات من أعمارهم. ونجحت الفرقة في قهر ما تصوره البعض مستحيلا.

فرقة كورال الشباب الأشيب هي الفرقة الأولى من نوعها في كوريا. أكبر أعضاء الفرقة "يانغ سونغ جا" عجوز في الثانية والثمانين من عمرها وهي تضطر إلى استعمال عدد من وسائل النقل والتغيير عبر عدة محطات خلال الرحلة الأسبوعية بين بيتها في وانجو ومكان البروفة في غواشون. وكذلك زميلتها "كيم سام سون" البالغة من العمر 65 عاما حيث تقوم بنفس التغيير ما بين غيمهي وغواشون .

عندما يتعلق الأمر بالمواعيد والبروفات فأعضاء الفرقة لا يتلقون أي شكل من أشكال المعاملة التفضيلية عن غيرهم من الفرق الشابة فالانضباط التام مطلوب وضروري.

وعادة ما تستغرق البروفة الواحدة ساعات طويلة دون استراحة وحتى دون جرعة ماء أحيانا. لكن ثمار كل ذلك الجهد الشاق المتواصل عادة ما يكون عملا إبداعيا منسجما .



البروفات الجادة والمنضبطة جعلت أعضاء الفرقة من كبار السن أقوى ذهنيا وبدنيا وأكثر قدرة على تجاوز كل نواقصهم القديمة. "شيم يانغ سون" فقدت بصرها بسبب إصابتها بسرطان في شبكية العين لكنها استعادت شكلا جديدا للإبصار من خلال مشاركاتها في فرقة الكورال الغنائي الأشيب الشاب.

وكانت الفرقة بالنسبة لـ"كيم هيون سيل" أيضا حزمة ضوء أخرجتها من ظلام حزنها الذي عاشته بعد وفاة شريك عمرها وزوجها الذي عاشت معه أحلى سنوات العمر. لم يقتصر الأمر على ذلك بل حقق لها حياة جديدة من النجومية والشهرة بعد حصولها على شهادة موثقة كحكاء مقتدر وهو ما ساعدها في الحصول على وظيفة محترمة ومجزية من خلال ممارسة الحكي في عدد من رياض الأطفال والمدارس الأولية والجمعيات التربوية المتخصصة.

وافتتحت عضو الفرقة "سونغ كيونغ إي" فرعا جديدا للفرقة في شنشيون حيث صارت مديرة للفرقة الفرعية هناك وقادتها في رحلة شاركت فيها في مهرجان عالمي أقيم في سوشي في روسيا وهو المهرجان العالمي التاسع لفرق الكورال الجماعي حيث فازت الفرقة الكورية بالميدالية الذهبية والجائزة الأولى في المسابقة.

كل أعضاء الفرقة منهمكون هذه الأيام في التحضير للمناسبة التي ستقام بنهاية العام الجاري والتي يستعرضون فيها تاريخ الفرقة القصير وما شهدته الفرقة من أحداث وتطورات وما تحقق من إنجازات وما تصبو إليه من أحلام وتطلعات وأماني ومستقبل مشرق وزاهٍ. فرقة الشباب الأشيب تؤمن بأن الشيب هو مجرد مرحلة شبابية متأخرة، ومجرد تجديد لشباب قابل للتجديد، وتحدٍ لمشيب يمكن قهره وهزيمته.
انتهى

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;