الذهاب إلى القائمة الذهاب إلى النص
Go Top

الناس

"يو تيه بيونغ يانغ 유태평양"

2016-10-04

في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر الماضي، قدمت فرقة "تشانغ غوك" الكورية القومية ملحمة موسيقية كورية باسم "لورفيو L’Orfeo"، وهي عمل موسيقي مستلهم من الأسطورة الإغريقية الشهيرة عن "أورفيوس Orpheus" الموسيقي الذي غاص في أعماق العالم السفلي من اجل استرداد زوجته "يوريديسي Eurydice"، وهي محاولة من الفرقة الكورية القومية للدمج بين الموسيقى التقليدية الكورية "غوغاك" وفن الأوبرا العالمي.

وبدلا من الألحان القديمة الكئيبة والآلات الموسيقية الكورية التقليدية، فقد جرى إعادة صياغة الحكاية بشكل حيوي فيه رقص وغناء متنوع من الـ"هيب هوب" والغناء التقليدي "تشانغ". ومن خلال التقنيات الموسيقية الحديثة والمحاولات الجريئة لكسر الحواجز بين الغناء الكوري التقليدي والجمهور الحديث، وجد العرض تجاوبا وتفاعلا واضحا.



صار اسم "أورفيوس" كما هو في الأسطورة الإغريقية "أورفي" في المسرحية الكورية، وأصبح اسم "يوريديسي" هو "يور Eur". وحسب العرض الكوري بعد إجراء التعديل اللازم عليه، قرر الشاب "أورفي" الغارق في أحزانه بعد أن فقد زوجته الحبيبة في حادث، أن يسفر عبر العالم السفلي لاستعادتها أو البقاء بجانبها هناك.

الديكور المسرحي البديع والأضواء الشفافة والموسيقى ذات الأنغام الحالمة، عناصر جعلت الجمهور يشعر بالراحة والاستغراق والاندماج الكامل مع العمل المسرحي البديع وفتحت أمامه نوافذ للخيال الخصب. أما عن الأداء التمثيلي والغنائي البديع فحدّث ولا حرج، خاصة بطل المسرحية "يو تيه بيونغ يانغ".

يتذكر الكثيرون "يو تيه بيونغ يانغ" كطفل موهوب قام بأداء ملحمة الأوبرا الكورية التقليدية الشهيرة "هونغ بو غا" بشكل مدهش عندما كان في السادسة من عمره في عام 1998. كان مذهلا أن يتمكن طفل في مثل ذلك العمر من أداء تلك الملحمة التقليدية الطويلة التي تستغرق ثلاث ساعات بكل ذلك العمق والتجويد، وهو شيء لم يحدث في التاريخ الفني لكوريا. والآن وهو في الرابعة والعشرين من العمر، يتطلع هذا الفنان الشاب ليثبت للجميع قدراته الفنية. ويقول "يو" إن لقاءه مع الجمهور هذه المرة كان مؤثرا وعاطفيا.
كان "يو"، قد بدأ في غناء البانسوري منذ أن كان في الثالثة من عمره، أي أنه يمتلك تجربة وخبرة تبلغ واحدا وعشرين عاما في ذلك المجال الذي يعشقه. كان متأثرا في ذلك بوالده الذي
وقدره. ويقول إنه ورث عشق فن البانسوري عن والده، منذ أن كان في رحم أمه.

لا بدّ أن الأب العاشق للفنون الكورية التقليدية كان سعيدا برؤية ابنه وهو ينشأ منذ طفولته الأولى محبا لتلك الموسيقى، ولهذا فقد حمل طفله وتوجه به إلى المغني المعروف "جو تونغ دال 조통달" وطلب منه أن يتعهد الطفل برعايته في ذلك المجال الفني. وكان نتيجة ذلك أنه نجح بعد ثلاثة أعوام من الرعاية والتدريب، وقبل أن يتعلم القراءة أو الكتابة، في غناء ملحمة الأوبرا التقليدية "هونغ بوغا" بشكل كامل نال إعجاب الجميع.

كان لهذا الطفل الموهوب قدرة خارقة على تحريك مشاعر الجمهور حسب المقاطع المختلفة في الملحمة التي توالت فصولها على مدار ثلاث ساعات.

بعد أول عرض رسمي لتلك الملحمة، أطلق عليه الجمهور والنقاد لقب "الطفل المعجزة". وقد كرّر مفاجاءاته مرة أخرى عندما قام بأداء ملحمة البانسوري "سو كونغ غا 수궁가" كاملة وهو في الثانية عشرة من العمر. وبعدها سافر إلى جنوب أفريقيا للدراسة هناك. ولم يفهم الكثيرون كيف يترك صبي موهوب مثله بلاده ليدرس في جنوب أفريقيا.
كان يو عازما على النجاح في تلك البلاد البعيدة والغريبة والمختلفة عن كوريا بمختلف المقاييس.



"جيمبي Djembe" هو طبل على كأس يتم استعماله في الاحتفالات والطقوس الإفريقية المتنوعة. وقد تأكد له منذ الوهلة الأولى أن هذا الطبل هو الأفضل لأوبرا البانسوي. ووجد الفرصة لممارسة هوايته في الضرب على طبول البانسوري في المدرسة التي التحق بها.

وبعد أن خطرت له فكرة تطوير الفنون الشعبية الكورية من خلال مزجها بفنون أجنبية، قرر "يو" الالتحاق بفرق لموسيقى الجاز والروك آند رول. وهكذا نجح في تجاوز المشكلة التي تؤرق مضاجع الكثير من الأطفال الموهوبين وهي مرحلة التحولات التي تحدث خلال الانتقال من الطفولة إلى الشباب.
وعاد "يو" لكوريا بعد فترة دراسية استمرت أربعة أعوام، لكنه عاد أكثر نضوجا وأعمق تجربة وأوضح رؤية لما يخطط له.
وبعد أن تعرف على فنون وثقافات ومواهب عالمية أخرى، نجح "يو" في تطوير وتطويع صوته واكتسب قدرات ومعارف موسيقية وصوتية جديدة، وهو ما أهلّه للفوز بجوائز كبرى في عدة مسابقات ومهرجانات خاصة بفنون البانسوري فيما بين 2010 و2012. وفي 2014 تمكن من تقديم ملحمة "شيم تشونغ غا 심청가" بالكامل.
ثم انضم لفرقة "تشانغ غوك" القومية هذا العام بعد أن تخرج من كلية الموسيقى في جامعة "تشون بوك" القومية. وكان أول عرض له في الفرقة هو ملحمة أوبرا تقليدية كاملة. ومن ثم، قرر أن يستعيد أمجاد الطفولة وقدم ملحمة "هونغ بوغا" التي كان قد قدمها وهو طفل في السادسة من عمره، لكنه قدمها هذه المرة بصوت شابٍ ناضج ومتطلع لمرحلة جديدة من النجاح.
"يو تيه بيونغ يانغ" فنان قرر أن يكرس نفسه لتطوير ونشر الموسيقى الكورية التقليدية "غوغاك" من خلال عولمتها وبذل جهود مشتركة مع فنانين مبدعين في المجالات الموسيقية والمسرحية المتنوعة.
انتهى

موضوعات بارزة

Close

يستخدم موقعنا الكوكيز وغيرها من التقنيات لتحسين الخدمة. مواصلة استخدام الموقع تعني أنك موافق على استخدام تلك التقنيات، وعلى سياسة موقعنا. عرض التفاصيل;