سوق "نو ريانغ جين" للأسماك هي أكبر أسواق المنتجات البحرية في سيول وفيها تتم عمليات بيع وشراء أكثر من نصف كميات الأسماك والمنتجات البحرية التي تستهلكها العاصمة سيول وضواحيها. تظل هذه السوق، بكل ما فيها من حركة وضجيج وإثارة، مفتوحة على مدار 24 ساعة في اليوم وعلى امتداد العام، وهي عبارة عن جزيرة بحرية في قلب اليابسة وفي وسط المدينة.
تقع سوق "نو ريانغ جين" مباشرة بجوار محطة "نو ريانغ جين" لمترو الأنفاق في سيول على الخطين الأول أو التاسع. يرجع عمر هذه السوق إلى 84 عاما منذ افتتاحها في عام 1927.كانت السوق تقع في البداية بالقرب من محطة سيول وتحمل اسم مؤسسة كيونغ سونغ للأطعمة البحرية، لكنها تحولت إلى هذا المكان، لأن وصول واستقبال المنتجات السمكية والبحرية من مختلف المناطق الساحلية أسهل وأكثر عملية عن طريق القطار.
وعلى امتداد خمسة وثمانين عاما ظلت سوق "نو ريانغ جين" مركزا ومحورا لصناعات الأسماك والمنتجات البحرية في سيول وفي كوريا بشكل عام. ولا تشتهر السوق فقط بأسماكها الطازجة الشهية، وإنما بكل أنواع الأسماك الطازجة والمجففة والمواد اللازمة لطهي الأسماك، مثل الصلصات والبهارات والمركّبات والمكونات الأخرى، وكل ما تحتاجه المائدة من وجبة عشاء بحرية لذيذة. ومن المؤكد أن كل زائر لتلك السوق سوف يحصل على أفضل سعر ممكن وأقل كثيرا مما قد يجده في كل الأسواق أو المحلات الأخرى في المدينة.
كما أن هناك أشخاص كثيرون لا يحضرون للسوق من أجل البيع أو الشراء وإنما لمجرد تمضية وقت طيب ومعايشة الحيوية والصخب الذي يملأ السوق.
شهر أكتوبر في كوريا هو موسم القواقع الزرقاء وبعض أسماك السرطان النادرة. يمكن خلال هذا الشهر اصطياد أفضل أنواع القواقع الزرقاء والسرطان في السواحل الغربية في كوريا، وعادة ما تجد الكثيرين وهم يحملون هذه الأنواع من الأسماك وهي طازجة حية تتحرك وتتنفس داخل السلال لفترة بعد الشراء. الأسماك عادة ما تكون ألذ وأشهى وصحية ومغذية وهي طازجة، ولذا تجد الكثيرين يحرصون على شرائها طازجة حية، وتناولها بعد تعريضها لقليل من البخار أو تدخينها لتحافظ على نكهتها الأصلية. يمكن أيضا الاستمتاع بها مسلوقة أو مقلية أو مشوية، أو حتى نيئة مع قليل من الصلصة المناسبة.
ومن الأشياء الممتعة في تلك السوق أن الزائر يستطيع أن يشتري ما يريد من أسماك ليقوم طهاة متخصصون بطهي ما اشترى حسب رغبته وتوجيهاته، وتجهيزها ولفها ليحملها إلى حيث يريد، ولتناولها هناك مع من يريد.
وعندما تشتري كمية من الأسماك الطازجة فهناك ما يعرف باسم المجاملة أو الهدية التي تكون عادة في شكل كمية بسيطة من الأسماك الصغيرة يتم تقديمها للمشتري مجانا كعربون للصداقة، ورغبة في كسب المشتري كعميل دائم. ويمكن للمشتري أن يحمل تلك الأسماك للمطبخ التابع للمحل، حيث يقوم عامل متخصص بتجهيزها له للأكل الفوري، لتجربة نوعية الأسماك التي اشتراها، وذلك مع كوب لذيذ من حساء السمك.
الأسماك التي تؤكل نيئة يتم تجهيزها تماما بعد تقطيعها إلى شرائح أنيقة الشكل مع البهارات والصلصات المناسبة ذات النكهات الفاتحة للشهية، ويمكن للمشتري أن يأكل الكمية التي يريدها في أثناء استمتاعه برائحة الشواء اللذيذة، أو الرائحة المنبعثة من الأواني التي يتم فيها سلق الحساء.
هذه السوق هي عبارة عن بحر متلاطم الأمواج، فيها الكثير والمثير من خيرات البحر وكنوزه اللذيذة، وثرواته الشهية التي تغني لها عصافير البطن، من محار وقواقع ورخويات وأسماك متنوعة ومتعددة : كبيرة وصغيرة، شائعة ونادرة. وكل ما تشتهي النفس من خيرات عالم البحار، في كل المواسم والفصول، ومهما كانت طبيعة الطقس، وعلى مدار الساعة ليلا ونهار في كل أوقات اليوم.