الكحوليات في كوريا الشمالية
ⓒ YONHAP News
في كوريا الجنوبية، عاد موسم "تشي ميك 치맥"، هي كلمة تجمع بين "تشيكن" أي دجاج و"ميك جو" أي "بيرة" باللغة الكورية، ومن ثم فهي تشير إلى الدجاج المقلي الذي يقدم مع البيرة. و"تشي ميك" هي كلمة عامية شائعة حتى إنها أضيفت إلى قاموس اللغة الكورية. وعندما يعاني الناس هنا من الشعور بالحرارة في الصيف القائظ، يختار الكثير منهم الذهاب إلى حانات البيرة للاستمتاع بتشي ميك، كما يمكن ملاحظة العديد من الدراجات النارية التي تقوم بتوصيل وجبات ليلية من هذا النوع أيضا. إذن، هل توجد مثل هذه الثقافة في كوريا الشمالية؟
يُقال إن الكوريين الشماليين يحبون الخمور القوية. وفي الشمال، يُطلق على منتجات مصانع الكحوليات التي تزيد درجة تركيزها عن 30 اسم خمور، بينما تُعتبر البيرة من المشروبات الغازية التي عادة ما يتم تقديمها مع الوجبات الخفيفة الجافة.
"جونغ أون تشان 정은찬":
تشمل الوجبات الخفيفة الجافة في كوريا الشمالية سمك البوللاك المجفف والأنشوجة الصغيرة والمحار والحبّار والأخطبوط. تختلف الوجبات الخفيفة للبيرة حسب المناطق والفئات العمرية. فبينما يفضل الجيل الأكبر سنا الوجبات الخفيفة المجففة، يهتم الكثير من الشباب بالدجاج والبيرة في المطاعم الكبيرة في بيونغ يانغ. ولكن كما قلت من قبل، من الصعب القول إن هذا اتجاه شائع.
بالإضافة إلى أربع علامات تجارية رئيسية للبيرة، هي: "بونغ هاك" و"كوم كانغ" و"ريونغ سونغ" و"ديه دونغ كانغ"، تنتج كوريا الشمالية العديد من أنواع البيرة الأخرى، لكن أشهرها حتى الآن هي "ديه دونغ كانغ" التي سميت على اسم نهر "ديه دونغ" الذي يمر عبر العاصمة بيونغ يانغ، وتسمى بيرة الشعب في كوريا الشمالية. وفي يونيو الماضي، تم الاحتفال بالذكرى العشرين على إنشاء مصنع "ديه دونغ كانغ" للبيرة، وبثت وسائل الإعلام الكورية الشمالية ذلك الاحتفال، الذي شهد تسليم رسالة تهنئة من قبل اللجنة المركزية لحزب العمال الحاكم إلى العاملين والمسؤولين في المصنع.
أقدم بيرة كورية شمالية هي "بيرة بيونغ يانغ"، التي بدأ إنتاجها في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي. وقد تم إنشاء مصنع للبيرة تحت إشراف حزب العمال الحاكم في الثمانينيات، حيث ولدت العلامتان "ريونغ سونغ" و"بونغ هاك". كما أطلقت كوريا الشمالية أول بيرة معلبة وهي "كوم كانغ" في عام 1996. بعد ذلك واجهت ثقافة البيرة في كوريا الشمالية نقطة تحول رئيسية في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث أظهر الزعيم آنذاك "كيم جونغ إيل" اهتماما كبيرا بإنشاء مصنع للبيرة في بلاده بعد جولة قام بها في مصنع "بالتيكا" للبيرة في مدينة "سانت بطرسبرغ" الروسية في عام 2001. ومن ثم، اشترى "كيم" مصنعا بريطانيا كان قد تم إغلاقه في عام 2000، وتم تفكيكه قطعة قطعة وشحنه في 30 حاوية من بريطانيا إلى كوريا الشمالية، حيث أعيد تجميعه قبل افتتاحه في في بيونغ يانغ في شهر يونيو من عام 2002. وقد اعتمد هذا المصنع أحدث طريقة ألمانية للتخمير باستخدام أجهزة الكمبيوتر. وفي ذلك الوقت، قالت وسائل الإعلام الكورية الشمالية إن "كيم جونغ إيل" أعرب في أثناء مشاهدة عملية الإنتاج عن سعادته بحقيقة أن الناس في بلاده يمكنهم الآن الاستمتاع بالبيرة الباردة في جميع الفصول.
تأتي البيرة "ديه دونغ كانغ" بسبع نكهات مختلفة، بناء على نسبة الشعير والأرز. مثلا، تتكون البيرة رقم 1 من الشعير النقي، وتحتوي البيرة رقم 2 على كمية أقل من الشعير، بينما البيرة رقم 5 مصنوعة من الأرز الأبيض بنسبة 100%. أما رقم 6 ورقم 7 فهما بيرة داكنة برائحتي القهوة والشيكولاتة، على التوالي.
"جونغ أون تشان 정은찬":
السبعة أنواع المختلفة من البيرة "ديه دونغ كانغ 대동강" لها نكهاتها الخاصة. على سبيل المثال، البيرة رقم 1 مذاقها مر. تتكون البيرة رقم 2 من 70% من الشعير الخالص و30% من الأرز، وهذه البيرة المعتدلة واللذيذة هي المشروب المفضل لدى الكوريين الشماليين. أنا شخصيا أحببت رقم 2. عند البحث عن البيرة "ديه دونغ كانغ" في غوغل، قد تجد النسخة مع دائرة حول الرقم 2. يتم تمييز النسب المئوية للشعير والأرز في بعض الإصدارات. وبشكل عام، تحتوي البيرة على نسبة 5% من الكحول.
وفقا لوسائل الإعلام الكورية الشمالية، يتم إنتاج البيرة من الشعير المزروع في منطقة "هوانغ هيه" ومنطقة "ريانغ كانغ"، حيث يوجد الكثير من أشعة الشمس في البحيرات هناك والمياه النظيفة من روافد نهر "ديه دونغ". وتزعم وسائل الإعلام أن البيرة التي تخضع لعملية إنتاج حديثة، تكون ذات نكهة خاصة. وفي عام 2009، عرضت كوريا الشمالية إعلانا على التلفزيون الحكومي للبيرة الوطنية. وكان ذلك حدثا نادرا للغاية، حيث يوجد عدد قليل جدا من الإعلانات التجارية على تلفزيون كوريا الشمالية.
تم بث الإعلان التجاري للبيرة "ديه دونغ كانغ" على شاشة التلفزيون المركزي الكوري الشمالي مما أحدث ضجة كبيرة. يقول الإعلان إن البيرة لها نكهة ناعمة ونظيفة وممتعة مع زيادة درجة التخمير، وأيضا مع التأكيد على أنها معتمدة بالمعيار الدولي لإدارة الجودة "آيزو 9001".
استضافت كوريا الشمالية أول مهرجان للبيرة، وهو مهرجان "ديه دونغ كانغ"، في أغسطس من عام 2016. وقد أقيم المهرجان على متن قارب رحلات على نهر "ديه دونغ"، وقدم سبعة أنواع من البيرة، بالإضافة إلى العديد من الأطباق الجانبية.
هناك العديد من الحانات في كوريا الشمالية. تشتهر بشكل خاص حانة "كيونغ هُنغ كوان 경흥관" للبيرة التي تقع في منطقة نهر "بو تونغ 보통" في بيونغ يانغ، حيث يتم فيها تقديم جميع أنواع البيرة السبعة هناك، ويصل عدد زوارها يوميا إلى حوالي 1500. في كوريا الجنوبية، تشير الكلمة الألمانية "هوف" التي تتم كتابتها بالحروف الكورية، إلى حانة تقدم البيرة. لكن كوريا الشمالية تستخدم كلمة كورية تعني "حانة للبيرة". وفي الشمال، يشرب السكان أيضا البيرة في المطاعم التي تحمل لافتة تشير إلى وجود مشروبات غازية.
"جونغ أون تشان 정은찬":
من حيث المبدأ، الكلمات الأجنبية محظورة في كوريا الشمالية، على الرغم من أن الناس يستخدمون مثل هذه الكلمات مثل، "كوفي" أي "قهوة"، و"إسبريسو"، هذه الأيام. كما أن كلمة "هوف hof" تنتشر بشكل تدريجي بين الناس في بيونغ يانغ. بالطبع، لم يتم تضمين هذه الكلمة في القاموس الرسمي للبلاد. بشكل عام، يستخدم السكان في الشمال كلمات كورية عند الحديث عن البيرة. لقد وجدت البيرة بالفعل الكثير من الاهتمام في عهد "كيم جونغ إيل" السابق. علاوة على ذلك، يأمل النظام في إثبات أن الشعب الكوري الشمالي يتمتع بمستوى عالٍ من الثقافة والترفيه، من أجل دحض التكهنات الدولية بأن الدولة الفقيرة تكافح بشدة داخليا. في هذا السياق، من المتوقع أن تقوم كوريا الشمالية بتطوير الأعمال والأحداث المتعلقة بالبيرة إلى حد كبير.
مع استمرار موجات الحر الشديد في جميع أنحاء شبه الجزيرة الكورية، يتوق الكثير من الكوريين الجنوبيين لـ"تشي ميك". ونأمل أن يأتي اليوم الذي يتغلب فيه الكوريون الجنوبيون على حرارة الصيف الحارقة وهم يستمتعون بـ"تشي ميك" على ضفة نهر "ديه دونغ"، في بيونغ يانغ.
