© YONHAP News

كان عام 2018 بمثابة نقطة تحول مهمة في جهود السلام في شبه الجزيرة الكورية. ففي العام الماضي، اجتمع قائدا الكوريتين ثلاث مرات، كما تم عقد أول قمة على الإطلاق بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة. ومع ظهور كوريا الشمالية بشكل متزايد على المسرح الدبلوماسي العالمي، يتزايد الاهتمام أيضا بمعرفة ما يدور داخل الدولة الشيوعية المعزولة. وبدءا من هذه الحلقة، سنقدم لكم جزءا جديدا بعنوان "من داخل كوريا الشمالية"، نتعرف فيه على المزيد عن المجتمع الكوري الشمالي. واليوم، سنتحدث عن الطريقة التي تحتفل بها كوريا الشمالية بالعام الجديد، مع شرح من البروفسورة "جونغ أون تشان" من معهد تعليم التوحيد.

ش1) البروفسورة "جونغ أون تشان 정은찬" من معهد تعليم التوحيد:

في منتصف ليلة الأول من يناير، يزور الناس في كوريا الشمالية تماثيل الزعماء السابقين "كيم إيل سونغ" و"كيم جونغ إيل" لتقديم الزهور والتعهد بعمل جيد في العام القادم، أو ينحنون انحناءة عظيمة أمام لوحات القادة. هذا هو أول شيء يفعلونه في يوم رأس السنة الجديدة، في تناقض صارخ مع عادات المواطنين الكوريين الجنوبيين الذين يتوافدون على الساحل الشرقي لاستقبال أول شروق للشمس في العام الجديد. عندما كنت صغيرة، كان جميع من في الفصل الدراسي يزورون تماثيل القائد، التي تبعد حوالي 4 كيلومترات. وفي منتصف الليل، ذهب 40 طالباً، بمن فيهم أنا، إلى التماثيل واصطفوا لتقديم الزهور وتقديم تعهد السنة الجديدة. 

تقول البروفسورة "جونغ" التي هربت من كوريا الشمالية في عام 2003، إن الكوريين الشماليين يزورون تماثيل الزعماء السابقين بشكل فردي أو في مجموعات في يوم رأس السنة الجديدة، وبعد ذلك، يستمعون لخطاب الزعيم في التلفزيون أو الراديو. 

البروفسورة "جونغ أون تشان 정은찬":

في كوريا الشمالية، تعتبر أعياد ميلاد القادة السابقين أهم الأعياد. وتشمل الأعياد الاشتراكية والوطنية عيد الاستقلال من الحكم الاستعماري الياباني يوم 15 أغسطس في عام 1945. كما تحتفل كوريا الشمالية بذكرى التاسع من سبتمبر باعتباره يوم تأسيس النظام في عام 1948، في حين أن العاشر من أكتوبر يمثل يوم تأسيس حزب العمال الحاكم، وتحتفل في 27 يوليو بيوم النصر وفي 27 ديسمبر بيوم الدستور الاشتراكي.

في كوريا الجنوبية، تشير الأعياد التقليدية إلى الأعياد الشعبية مثل يوم رأس السنة القمرية، أو أول بدر كامل في السنة القمرية الجديدة، و"تشوسوك" أي عيد الحصاد. أما في كوريا الشمالية، فتشمل الأعياد التقليدية كلا من الأعياد الشعبية والأعياد الوطنية ومختلف المناسبات. 

البروفسورة "جونغ أون تشان 정은찬":

فيما يتعلق بالاحتفالات بيوم رأس السنة القمرية، لا يوجد فرق كبير بين الكوريتين. ففي يوم رأس السنة القمرية الجديدة، يزور الكوريون الشماليون كبار السن، وينحنون انحناءة عميقة لهم ويؤدون شعائر احتفالية تبجل أسلافهم. كما يجتمع أفراد العائلة معا لتبادل الطعام اللذيذ ويقضون وقتا ممتعا. وقد يزورون بلداتهم إذا لم تكن بعيدة جدا عن منازلهم. هكذا حافظت الكوريتان على نفس التقاليد، رغم أن كوريا مقسمة منذ عقود. كما يزور العديد من الكوريين الشماليين معلميهم في يوم رأس السنة القمرية الجديدة، حيث لا يوجد عيد للمعلم في الشمال. وهناك اختلاف طفيف فيما يتعلق بالتحيات. ففي كوريا الجنوبية، يطلق على تبادل الإيماءات أو انحناءة الرأس "موك رييه 목례"، بينما يستخدم الكوريون الشماليون كلمة "صون جول 선절" التي تعني حرفياً "الانحناءة المستقيمة". وتكون زاوية "صون جول" مختلفة حسب مستوى الاحترام.

في يوم رأس السنة القمرية الجديدة، يستمتع الناس في كل من الكوريتين بالألعاب الشعبية التقليدية مثل إطلاق الطائرات الورقية. ولتبادل التحيات، يقول الكوريون الجنوبيون "كل الخير للعام الجديد"، بينما يقول الناس في الشمال "مباركة عليكم السنة الجديدة". 

البروفسورة "جونغ أون تشان 정은찬":

في الأعياد التقليدية، يمكن للمواطنين الكوريين الجنوبيين الانتقال إلى أي مكان يرغبون فيه بالسيارة أو الحافلة أو القطار أو الطائرة. لكن يُسمح للكوريين الشماليين بالسفر إلى بيونغ يانغ أو المناطق الحدودية فقط عندما يكون لديهم شهادة سفر خاصة. من الصعب الحصول على هذه الشهادة لغرض زيارة الأقارب في أيام العطلات أو للرحلات الفردية. أيضا في الشمال، لا يمكننا رؤية النزوح الجماعي للمسافرين بغرض قضاء العطلات من منطقة العاصمة إلى المناطق الإقليمية أو العكس، رغم أن هذا المشهد شائع جدا في كوريا الجنوبية. البنية التحتية للمرور سيئة في كوريا الشمالية، ولذلك يجد الناس بشكل عام صعوبة في السفر لمسافات طويلة.

الآن، تحدثنا البروفسورة "جونغ" عن بعض التغييرات التي تم رصدها مؤخرا في احتفالات رأس السنة القمرية في كوريا الشمالية.

البروفسورة "جونغ أون تشان 정은찬":

يبدو أن الكوريين الشماليين يركزون الآن على يوم رأس السنة القمرية أكثر من التركيز على الاحتفال بيوم الأول من يناير. في الماضي، كان معظم السكان يستعدون لتناول طعام العطلة في منازلهم ويشاركونه مع أفراد عائلاتهم. ولكن مع تزايد عدد الأشخاص الذين أصبحوا ميسورين من الناحية المالية، يقال إن العديد من العائلات في المدن الكبرى في الشمال يختارون تناول الطعام بالخارج، أو الذهاب إلى غرف الكاروكي، أو حتى لعب البلياردو للاحتفال بيوم العيد. في السابق، كان الرجال والنساء يحتفلون بالعيد التقليدي بشكل منفصل. لكن في الوقت الحاضر، يميل الرجال والنساء إلى الاختلاط مع بعضهم البعض للتمتع بالعطلة، ويقضي العديد من الأزواج العيد بطريقة رومانسية. 

ظلت حكومة كوريا الشمالية تقدم بعض الأغذية والخمور والحلوى للمواطنين في يوم رأس السنة القمرية الجديدة. وباستخدام الإمدادات الحكومية، تقوم الأسر في كوريا الشمالية بصنع أطعمة الأعياد في البيوت. ولكن في هذه الأيام، يفضل عدد متزايد من الناس في الشمال الذهاب إلى المطاعم والمرافق الترفيهية مثل غرف الغناء وغرف البلياردو. ويبدو أن ثقافة الاحتفال بالسنة الجديدة في كوريا الشمالية آخذة في التغير، بالتوازي مع تحقيق عدد متزايد من الكوريين الشماليين استقلالا ماليا. ومع ذلك، فإن المعنى التقليدي لرأس السنة الجديدة لا يزال كما هو. فبالنسبة للكوريين الشماليين الذين يتحملون موسم الشتاء القاسي والطويل، فإن العيد هو بالتأكيد مناسبة سعيدة لقضاء بعض الوقت مع أسرهم ومشاركة الطعام وتبادل التحيات والتبريكات. ومن جانبنا نأمل أن يكون هذا العام الجديد عاما سعيدا على الكوريين وكل شعوب العالم.